الخميس 13 فبراير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

كل المناصب زائلة وتبقى المواقف

السبت 08/فبراير/2025 - 01:57 م

إن الحياة ليست مجرد سباق للوصول إلى المناصب والتمسك بها، بل المناصب تأتي وتذهب، لكن المواقف التي نواجهها هي التي تصنع فرقًا حقيقيًا في هذا العالم.

إذا كانت المناصب زائلة، فإن الأفعال الصادقة، والإبداع، والإنجازات تظل محفورة في ذاكرة التاريخ، لذلك، يجب على كل فرد أن يركز على العمل الجاد والمخلص الذي يعكس شخصيته الحقيقية، لأن هذا هو ما سيبقى ويُخلد.

منذ أن نشأت المجتمعات البشرية، كانت المناصب أحد أوجه القوة والسيطرة التي يحاول الناس الوصول إليها، وتقديم أنفسهم على أساسها. 

قد يتصور البعض أن الجلوس على كرسي المسؤولية هو القمة التي يجب السعي إليها طوال الحياة، ولكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن المناصب زائلة، ما من مسؤول من رئيس حتى أقل المناصب الإدارية إلا وقد حصل على لقب "رئيس سابق" أو "مسؤول سابق"، لكن ما يبقى في سجل المسؤول هو ما قدمه لمن حوله من أعمال خيرية تذكره بها الناس، وما قدم من مواقف تاريخية تشهد عليها الأجيال القادمة. 

خلال هذه المسيرة، لا يتذكر الناس الألقاب التي يحملها الشخص، بل يتذكرون فعله، وجهوده، وإنجازاته التي تركت أثرًا في النفوس قبل التاريخ.

تعتبر المناصب من أكثر الأشياء التي يلهث خلفها البعض، ظنًا منهم أنها الطريق للخلود، ولكن الحقيقة أن هذه المناصب لا تظل ثابتة، بل هي قابلة للتغيير والزوال في أي لحظة، فإن المسؤول الذي يتربع على منصب اليوم قد يصبح "مسؤولًا سابقًا" في اليوم التالي، ما يبقى بعد زوال هذه المناصب هو ما قام به الشخص من أعمال وأثر تركه في المجتمع وفي حياة الآخرين.

إنه ليس اللقب الذي يجعل الشخص كبيرًا في أعين الناس، بل هو المواقف التي اتخذها، والأثر الذي تركه، المناصب تأتي وتذهب، لكن المواقف التي نعيشها ونتخذها تظل خالدة، تكتب في تاريخنا وتظل شاهدة على شخصياتنا وقراراتنا.

أما الألقاب العلمية، فهي لا تزول على الرغم من أن المناصب السياسية والإدارية قد تزول، هناك نوع آخر من الألقاب لا يمكن أن يزول، وهو اللقب العلمي الذي يترك خلفه عملًا وجهدًا لا ينتهي مع مرور الزمن.

فعلماء الدين، الأدباء، المفكرون، والمبدعون يبقى أثرهم في الدنيا والآخرة، ولا يشوب سيرتهم الزمان مهما تغيرت الظروف، الألقاب العلمية لا تقتصر على النجاح في الحصول على شهادة أو لقب، بل تأتي من أثر الشخص في مجاله الذي نُسج عبره اسمٌ سيظل يذكره التاريخ.

فالعالم أو المفكر الذي قد يمر عقود من الزمن على وفاته، يبقى في ذاكرة الأجيال القادمة من خلال أبحاثه، مؤلفاته، أو أفكاره التي غيرت مسار المجتمع البشري نحو الأفضل. إن الإبداع والابتكار في شتى مجالات الحياة، سواء كانت في العلم، والثقافة، والتكنولوجيا أو حتى في الحياة الاجتماعية، لهما قوة كبيرة في صناعة التاريخ، الأشخاص الذين يمتلكون القدرة على التفكير خارج الصندوق، الذين يستطيعون تطوير حلول لمشاكل المجتمع وتقديم أفكار جديدة ومبتكرة، يتركون بصمات لا تُمحى.

الإبداع لا يتوقف عند حدود زمنية أو مكانية، بل هو حاضر في كل زمان وفي كل مكان، هذه الأعمال المبدعة تخلد أصحابها وتثبت أنهم تركوا أثرًا يستمر في التأثير حتى في الآخرة، كما ثبت في العديد من الأحاديث الشريفة والآيات الكريمة التي تشير إلى أن العلم والعمل الصالح يبقى ويؤثر حتى بعد وفاة الشخص.

قد يظن البعض أن المنصب يعكس قيمة الشخص ويحدد مدى نجاحه، لكن الحقيقة أن قيمة الشخص لا تقاس بالمناصب التي يشغلها، ولا بعدد المقاعد التي يجلس عليها، بل بما يقدمه من إنجازات وأثر.

يمكن لأي شخص أن يحصل على منصب معين، ولكن لا يمكن لأي شخص أن يضمن أن هذا المنصب سيبقى في يده إلى الأبد، ما يهم هو كيف استغل هذا المنصب في خدمة الآخرين، وكيف أسهم في تحقيق تطور حقيقي في المجتمع.

القيم الحقيقية لا تظهر في الألقاب أو المناصب، بل في الأعمال التي يقدمها الشخص والتي تبقى شاهدة على تاريخه، فالقائد هو الذي يبني مؤسسات قوية، ويساهم في رفع مستوى المجتمع، يظل في ذاكرة الناس حتى وإن رحل عن منصبه.

تابع مواقعنا