الخميس 13 فبراير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أمريكا صانعة الحروب.. وترامب شيطانها الأكبر

الخميس 06/فبراير/2025 - 02:36 م

إن القارئ لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يجده دمويا وعنصريا، ولكن أحد أهم عناصرها هو دورها البارز في إشعال الحروب في أنحاء متفرقة من العالم، إذ لم تكن أمريكا يومًا مجرد مراقبًا في صراعات العالم، بل كانت صانعة لها في كثير من الأحيان، بل هي المصدرة للحروب التي أودت بحياة الملايين من الأبرياء، وأثرت على استقرار العديد من الدول، ومع ذلك تظل هذه الحروب، على الرغم من التدمير الذي تحدثه في حق الشعوب، فإنها تؤتي ثمارًا اقتصادية لأمريكا، وتعمل هذه الحروب لحماية وتأمين مصالحها الاقتصادية والسياسية على الصعيد العالمي.

وتعد صناعة الحروب الأمريكية بتدخلها السافر في شؤون الدول الأخرى، ليست بمجرد أمر عارض، بل هي سياسة حمقاء متكررة، وقد بدأت الحكاية منذ بداية القرن العشرين من خلال دعمها لأنظمة دكتاتورية في بعض المناطق، وصولًا إلى شنِّ حروب مباشرة كما حدث في فيتنام والعراق وأفغانستان، ونجد أن الولايات المتحدة تتبنى استراتيجية تركز على التوسع العسكري وتأمين مصالحها في المناطق الاستراتيجية، الحرب العالمية الأولى والثانية كانتا بدايات تدخلات أمريكا العالمية، لكن التوسع الأكبر بدأ مع الحرب الباردة.

في فترة ما بعد الحرب الباردة، شهادنا كيف أن أمريكا قادت تدخلات عسكرية في الشرق الأوسط، مما أسفر عن نتائج كارثية، فمثلًا: غزو العراق في 2003 لم يكن فقط نقطة تحول في السياسة العالمية، بل كان بمثابة الكارثة الإنسانية التي خلفت وراءها ملايين من الضحايا المدنيين، فضلًا عن تمزق المجتمع العراقي، وفي أفغانستان، استمرت الحروب لأكثر من عشرين عامًا، ما أسفر عن دمار شامل لأرض وشعب عانى طويلا من التوترات قبل التدخل الأمريكي.

ترامب ينتهج الشيطنة العالمية على الرغم من أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تميزت بتعاقب الرؤساء وتغير استراتيجياتهم، لكن دونالد ترامب الذي شغل منصب رئيس الولايات المتحدة بين 2017 و2021، كان أحد أبرز الرؤساء الذين اتبعوا سياسة الحروب والتدخلات كما تبنى الشيطان الأكبر ترامب سياسة المعروفة بأمريكا أولًا، التي اعتبرت نفسها فوق كل المعايير الإنسانية والأخلاقية، على الرغم من التصريحات المبالغ فيها حول محاربة الإرهاب، إذ سعى ترامب إلى تحقيق أهدافه من خلال تهديدات مباشرة لدول مثل كوريا الشمالية وإيران، كما قام بتوسيع الحرب التجارية مع الصين وفرض عقوبات قاسية على العديد من الدول.

ومن أبرز مظاهر شيطان ترامب في السياسة الخارجية، هو انسحابه من العديد من المعاهدات الدولية مثل اتفاقية باريس للمناخ، وتوجيهه ضربات جوية ضد دول ذات سيادة بحجة محاربة الإرهاب، كما أن خطاباته كانت مليئة بالتهديدات والاتهامات، في مساعٍ لتحفيز مشاعر القومية الجارفة التي تؤدي إلى المزيد من الانقسامات على الساحة الدولية.

وتعد تصريحات ترامب التي تكررت حول سياسة تفكيك الدول أو إعادة تشكيل مناطق أخرى متهورة، بعيدة عن أي مفاهيم إنسانية، حيث كان يروج لرؤيته القومية الضيقة، مما يضاعف من الأزمات السياسية ويزيد من تعقيد الصراعات الإقليمية، وجشعه في تحقيق المكاسب الاقتصادية لأمريكا على حساب حياة المدنيين الأبرياء في العديد من الدول، بل جسَّد ترامب أفكاره وأهدافه الشيطانية في السياسة الدولية، باختزاله القيم الإنسانية في مفاهيم، مثل: الهيمنة، والمصالح الذاتية النفعية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصدر عن رئيس دولة كبرى بحجم أمريكا.

وتصريحات ترامب لا تمت إلى الإنسانية بصلة، فبدلًا من الحديث عن السلام والتعاون الدولي، كان يشعل الحروب بتصريحاته حول بناء الجدران على الحدود، وتصريحاته المسيئة للعديد من الأقليات، تظهر تجاهله التام للقيم الإنسانية، ومع أن فكرة السلام العالمي كانت في يوم من الأيام قيمة ثابتة في السياسة الدولية، لكن ترامب جعل من الحرب والانقسامات القومية جزءًا من خطاباته اليومية.

كما أن تبني ترامب سياسة التفرقة داخل أمريكا نفسها كان له تأثيرات سلبية على العالم أجمع، فلم يكن يدرك العواقب الإنسانية لتصريحاته المتطرفة، والتي كانت تتراوح بين الهجوم على الصحافة الحرة، وتهديدات بالحروب التجارية، كانت تصريحاته أقرب إلى الحرب الكلامية، والتي تحولت مع مرور الوقت إلى تجسيد لمفهوم الشيطان في السياسة الدولية.

إن سياسة أمريكا الحربية التي امتدت لعقود طويلة، لا تشكل تهديدًا لدول بعينها فقط، بل تهدد السلم العالمي بأسره، ترامب بصفته أحد أبرز ممثلي هذه السياسة، لم يكتفِ بإشعال المزيد من الأزمات الدولية، بل جعل منها جزءًا من سياسته الداخلية، مما انعكس سلبًا على صورة أمريكا في العالم، في حين أن الحروب التي نشأت تحت غطاء الديمقراطية والحرية قد تكون قد حققت مصالح اقتصادية للولايات المتحدة، فإنها في المقابل خلقت عواقب إنسانية كارثية على مدار السنين، وآخرها تصريحاته الجنونية من وقت إلى آخر نحو تهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى دول الجوار التي باتت تخشى عواقب هذه الكلمات النارية، التي يطلقها من فمه دون تعقل أو إدراك لمعنى الإنسانية.

تابع مواقعنا