الإثنين 20 يناير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لست ناصريًا ولكنني أحب عبد الناصر

الأربعاء 15/يناير/2025 - 12:21 م

في عالم السياسة والقيادة، يظل الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر واحدًا من أبرز الشخصيات التي تركت بصمةً لا تُمحى في تاريخ مصر والمنطقة العربية، ولست ناصريًا بالمعنى التقليدي للمصطلح، ولكنني أعترف بحبٍ كبير لزعيمٍ كان رمزًا للقوة والإرادة، قائدًا شجاعًا، وضع مصر على الطريق نحو التغيير الجذري، وساهم في رسم ملامح مرحلة تاريخية مهمة في العالم العربي.

في ذكرى ميلاده، يستحضر الجميع مشروع السد العالي، الذي شكل نقطة فارقة في تاريخ مصر، فقد كان هذا المشروع أكثر من مجرد بناء سد، كان رؤية استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى توفير المياه والكهرباء لمصر؛ مما غير بشكل جذري المشهد الزراعي والري في البلاد، فالسد العالي لم يكن مجرد إنجاز هندسي، بل كان رمزًا للقدرة على التغلب على التحديات الكبرى، وكان دليلًا على الإيمان بقدرة الشعب المصري على العمل الجاد والتضحية في سبيل تحقيق المصلحة العامة.

لا يمكن لأحد أن ينكر دور عبد الناصر في تأميم قناة السويس وتوجيه ضربة قاسية للاستعمار الغربي؛ مما أسهم في تحريك مشاعر الفخر الوطني لدى المصريين، وبتطبيقه لقانون الإصلاح الزراعي، الذي منح الأراضي للفلاحين وصغار المزارعين، أرسى عبد الناصر دعائم العدالة الاجتماعية، وهو ما ساهم في تحسين وضع الفلاح المصري وتحقيق بعض الاستقرار في الريف المصري.

لكن لا يمكن التوقف عند هذه الإنجازات فقط، فقد سعى عبد الناصر أيضًا إلى إعادة بناء الهُوية القومية العربية، ونجح في إلهام حركات التحرر في دول إفريقيا وآسيا، كانت شعاراته عن الوحدة العربية والتحرر من الاستعمار بمثابة شعلة أمل للشعوب التي كانت تعاني من الهيمنة الاستعمارية، نعم، قد تكون هناك اختلافات وانتقادات حول نتائج بعض هذه السياسات، ولكن لا يمكن إنكار أن عبد الناصر كان الحافز الأكبر للكثير من الحركات الثورية في العالم.

ومن أهم ما يميز عبد الناصر هو قدرته على توحيد العرب حول فكرة القومية العربية، تلك الفكرة التي شكَّلت فيما بعد محور العديد من التوجهات السياسية في المنطقة، رغم ما صاحبها من تحديات وصعوبات، وكانت تلك الوحدة العربية، وإن تخللتها بعض السلبيات، بمثابة محاولة لبناء هُوية مشتركة تُمكن الشعوب العربية من الوقوف معًا ضد التحديات الخارجية.

ومن خلال نضاله المستمر، كان عبد الناصر يمثل نموذجًا للزعيم الذي يضع مصلحة بلاده وشعبه في المقدمة، ويبني سياساته بناءً على مبادئ الاستقلال والحرية والكرامة، ورغم أن الكثير من الظروف السياسية والاقتصادية قد ساهمت في تحول المسار المصري بعد رحيله، فإن عبد الناصر سيظل في ذاكرة الشعوب العربية رمزًا للقيادة القوية والإرادة التي لا تلين.

وفي النهاية سواءً كنت ناصريًا أم لا، لا يمكن لأحد أن يزور التاريخ أو يتجاهل الإرث الذي تركه جمال عبد الناصر، فالتاريخ هو مرآة الأمم، وعبد الناصر كان جزءًا لا يتجزأ من هذه المرآة التي تعكس مسيرة شعب كامل نحو النهوض والكرامة.

تابع مواقعنا