السبت 01 فبراير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أزمة توقيت

الجمعة 31/يناير/2025 - 05:24 م

• الصديقة الجامعية "تقى" من أنقى الشخصيات اللي ممكن تتعامل معاهم في نطاق دايرة الصداقة الجامعية خصوصًا مع جدعنتها مع الغريب قبل القريب وعرضها الدائم للمساعدة حتى بدون طلب منك واهتمامها بالتفاصيل اللي تهم أصدقاءها.. كانت نموذج تتمنى لو يكون موجود في حياتك شبهه على مدار حياتك وكل واحد في الدفعة بتاعتنا كان متأكد إنه محظوظ لأنه اتعامل مع "تقى".

على الناحية التانية وللأسف كان فيه جزء خفي في شخصية "تقى" الأسرية!.. هي البنت الوحيدة والأصغر بعد 3 شباب أولاد.. والدها راجل عصبي والعنف جزء لا يتجزأ من شخصيته في تعاملاته العادية.

الفكرة إنه كان على العكس تمامًا مع الأولاد التلاتة بإعتبارهم رجالة بقى وكده زى معظم المحافظات الصغيرة وللأسف العقليات الأصغر اللي بتشوف إن الولد له من المساحة والحرية أكتر بكتير من اللي المفروض يتوفر للبنت!.. والنتيجة؟.. كل طلبات "تقى" مرفوضة.. كل اقتراحاتها مش بيناقشها فيها أساسًا.. كل اللي يتطلب منها من والدها أو إخواتها الرجالة لازم تنفذه حتى ولو هي مش مقتنعة.

كومة من التعقيدات والتحكمات تخلى الواحد يخرج عن شعوره بشكل سريع لكن البنت استحملت.. وغير إنها استحملت الشيء العظيم إن ده ما أثرش على طبيعة شخصيتها الودودة الطيبة اللي اتكلمت عنها في أول المقال.. واحدة غيرها كان تعامل بيتها السيء معاها ساب أثره عليها وبقت بتطلع شحنة غضبها أو الكبت اللي هي فيه في وشوشنا إحنا بس لأ.. هي كانت قادرة تفصل ده عن ده بمنتهى الشطارة.. لحد ما في مرة قرر واحد من إخوات "تقى" وإحنا في سنة رابعة كلية إنه يخطبها لصديق له في الشغل!.. البنت قعدت مع الخطيب المحتمل ده ولقته لا يحتمل.

فرق كبير في الثقافة بينه وبينها، وطموحه وطموحها، ولغته حتى واللغة بتاعتها.. ده الولد من بجاحته ماكنش مكسوف وهو بيقول كذا لفظ فيه شتايم وهو قاعد بيحكي عن ذكاءه وإزاى إنه قدر ينجو من عملية نصب كانت هتحصل عليه بس على مين دا أنا فلان الفلاني يا ولا الـ ***** وراح رامي شتيمتين كدلالة على فطنته!.

"تقى" رفضت.. اتكلمت مع أخوها بالعقل وقالت له إن الشخص ده مش مناسب ليا بأى حال من الأحوال.. أخوها ثار عليها وغضب وبالتالي والدها كمان وبقت البنت عايشة في جحيم.. أكيد فيه حد تاني شاغل عقلك.. أبدًا والله مفيش.. أكيد زمايلك في الكلية هما اللي مقومينك وعايزينك تاخدي أفندي في سنك!.. والله أبدًا ما حصل.. أومال إيه السبب؟.. البنت ترد بقهرة: والله ما فيه أى أسباب غير إني مش مستحملة الشخص اللي قعدت معاه.. طبعًا كل الكلام ده كان مجرد سفسطة بالنسبة للأب والأخ اللي قرروا يضغطوا على "تقى" إنها هتتخطب للشاب يعني هتتخطب له.

الأمر أخد بًعد تاني خالص زى اللي كنا بنسمع عنه في الأفلام زمان وبالفعل تم إجبار البنت على الخطوبة وتحديد ميعاد للخطوبة ومنعها من مرواح الكلبة رغم إن اللي باقي فيها مش كتير بس لسبب ما كان أهلها معتبرين إن مرواح الكلية هو السبب في عناد البنت!.. يوم الخطوبة الصبح دخلت والدة "تقى" عليها الأوضة بتاعتها مع بدء توافد القرايب والأهل عشان الليلة اللي بيتم التجهيز لها لقتها مفتحة عينيها وباصة للسقف بدون حركة!.

إيه ده فيه إيه!.. حركت البنت يمين وشمال اتحركت معاها عادي وقلبها فيه النبض بس مش بتتحرك ولا بتنطق.. شالوها وودها عشان تكشف واكتشفوا إن البنت جالها إنهيار عصبي حاد وشلل كامل.. وضع قاسي وعنيف على بنت لسه عمرها ماكملش 21 سنة!.. طيب طمنا يا دكتور الوضع ده هيخلص امتى؟.. مفيش مخلوق في الدنيا هيقدر يجاوبك يا حاج على السؤال ده، ده أمر رباني بحت جه في وقت أراده ربنا ومش هيزول إلا في وقت يريده ربنا برضه.

طبعًا والدها لغى موضوع الخطوبة وجاتله نغزة ذنب لما حس إنه جه على بنته الوحيدة أكتر من اللازم وداس على خاطرها وقلبها ومشاعرها بقدم فيل وبقى يعيط زى العيال الصغيرة بس بعد إيه!.. للأـسف حالة "تقى" زى ما هي بقالها أكتر من 16 سنة دلوقتي.. مفيش حركة.. مفيش كلام.. عين مفتوحة معظم اليوم وباصة للسقف ونايمة باقي اليوم على تفس الوضعية.. الشعور بالهزيمة على وشوش إخواتها ووالدها زى ما هو لحد دلوقتي.. حياة الأسرة بالكامل توقفت عند اللحظة بتاعت يوم الخطوبة وكل أفراد العيلة بيتمنوا بس إن الزمن يرجع عشان يعملوا للبنت اللي هي عايزاه عن طيب خاطر وبدون ما يفرضوا عليها حاجة.. لكن للأسف الكون مش على كيف حد واللي بيروح مش بيرجع.   

• "التوقيت" هو أهم نقطة في أى حاجة بتقابلك أو خطوة هتعملها سواء كويسة، أو مشكلة.. هل ابنك أو بنتك لسه صغيرين عشان تفرض عليهم شيء لا يتناسب مع نضجهم الحالي؟.. هل خطوة خصامك مع فلان أو علان رغم سنين العِشرة اللي بينكم جاية لسبب يستحق؟، طب حاصلة في وقت يستحق أساسًا؟.

فيه حاجات لو اتكررت بكل تفاصيلها بس في توقيت مختلف ممكن ماتحصلش أصلًا أو يبقى تأثيرها مختلف 180 درجة.. مش دايمًا مهم عملت أو قلت إيه بس الأهم ده حصل امتى.. هل في التوقيت المناسب بالطريقة المناسبة، ولا في اللحظة اللي مفيش بعدها رجوع؟.. ربنا يرزقنا دايمًا بـ التوقيت الصح اللي مفيش بعده لا "ندم"، ولا "ياريتني"، ولا "ياه لو".

 

تابع مواقعنا