فلسطين بيت القصيد.. حرب الظل بين وسائل الإعلام المصرية وميتا| تحقيق

بتمام السابعة صباحًا يوم السابع من أكتوبر 2023 رنّ هاتف شهرت أبو المكارم رئيسة قطاع الديجيتال ميديا في موقع القاهرة 24 لإبلاغها باندلاع طوفان الأقصى وكسر الفلسطينيين للجدار الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل لأول مرة عسكريًا وهو ما ينذر بحرب بين الطرفين لن تكون كسابقاتها؛ إلا أن شهرت لم تكن تعلم أنها ستبدأ حربًا أخرى على منصات التواصل الاجتماعي.
فمع صبيحة السابع من أكتوبر واشتعال الصراع بين غزة وإسرائيل بشكل متسارع فوجئت أبو المكارم بتعرض منصات القاهرة 24 على وسائل التواصل الاجتماعي للتضييق، حيث وجدت نفسها أمام قيود غير معلنة بشكل واضح من قبل شركة ميتا ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة لها، وأنه مع استمرار نشر الأخبار عن الحدث الأهم (عربيًا) في الوقت الراهن تبين أن التقييد لم يكن لـ "صفحة" بعينها، وكان يشمل كافة وسائل الإعلام المصرية، والمنطقة العربية، وهو ما كلف القاهرة 24 خسائر مادية وصلت إلى 50% مقارنة بالعام السابق لبداية الحرب، إلى جانب تأخر في معدلات النمو.
وهو ما دفعها إلى التحرك لمواجهة إجراءات ميتا بالبحث عن كلمات مماثلة في المعنى ومختلفة عما هو مدرج في قوائم سياسات منصات التواصل الاجتماعي وتحديدا التابعة لميتا، كاستبدال كافة أسماء حركات المقاومة الفلسطينية، واستبعاد أسماء قيادات تلك الحركات، نظرًا لحظر ظهورهم من قبل ميتا، إلى جانب استبعاد نشر الكثير من المواد الصحفية لضمان استمرارية النشر، وعدم التعرض لمزيد من القيود أو المخالفات.
في هذا الإطار أيضًا أشار تقرير بعنوان "عام من المحو الرقمي للفلسطينيين" صدر من مركز صدى الاجتماعي للحقوق الرقمية الفلسطينية، إلى الانتهاكات الرقمية التي تزامنت مع الحرب في قطاع غزة بداية من 7 أكتوبر 2023 ولمدة عام كامل، وركّز التقرير على الأبعاد المتعددة للمحو الرقمي، والتي شملت قمع المحتوى الفلسطيني، وفرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووثق التقرير تعرض المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي لأكثر من 23 ألف انتهاك رقمي، شكلت منصات ميتا 56% من هذه الانتهاكات، وتيك توك 25%، وإكس -تويتر سابقا 15%، وساوند كلاود 3.7%، وأن 29% من إجمالي الانتهاكات الرقمية استهدفت الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، إلى جانب تلقيه أكثر من 1200 شكوى من الصحفيين حول محاولات اختراق حساباتهم الرقمية، وتوثيقه أكثر من 80 ألف منشور تحريض إسرائيلي على منصات التواصل الاجتماعي، تضمنت دعواتٍ للإبادة الجماعية وتبريراتٍ للعنف والقتل الجماعي ضد الفلسطينيين.
تقييد الوصول أثر على الأرباح
ويروي رئيس قسم مواقع التواصل الاجتماعي في صحيفة المصري اليوم، خالد عبد الراضي، أن الصحيفة كغيرها تعرضت للعديد من القيود التي تتعلق بما جرى منذ السابع من أكتوبر 2023، بأنه من المفترض أن يكون نشر بيانات الفصائل الفلسطينية وفقًا لمعايير ميتا لناشر الأخبار، مصرح بها، كون نقل المعلومة كمؤسسة إخبارية غير مخالف لأية معايير، إلا أن ذلك لا يتم نهائيًا بداية من 7 أكتوبر، وصولًا إلى حذف ميتا مؤخرًا أي محتوى عن القضية الفلسطينية منذ العام 2014 وما قبله، كون الخوارزميات تضبط صور قيادات حركة حماس باعتبارها مخالفة، وباتت تلك الخوارزميات لا تفرق بين ما هو ناشر للأخبار والمستخدمين المتعاطفين أو المتبنين لأفكار الحركة، وهو ما جعل ميتا مخالفة لمعاييرها بشأن الاستثناءات الممنوحة لناشري الصحف، (على حد قوله).
وأردف بأنهم يتعرضون لقيود تمنعهم من استخدام أي صورة بحرية عن القضية الفلسطينية، وأن المحتوى المقدم من قبلهم مقيد وغير مرشح لجمهور منصات التواصل الاجتماعي، ما تسبب في خلق أزمة ألقت بظلالها على السياسة التحريرية للمؤسسات الصحفية خاصة على منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير.
ويضيف عبد الراضي، أن انخفاض وتقييد معدلات الوصول للصحف والمحتوى الفلسطيني بشكل عام أدى بالتبعية إلى تراجع الأرباح المالية: “معدلات الوصول حاجة وثيقة الصلة بالأرباح.. وبخفض معدلات الوصول عقب 7 أكتوبر بالتالي إنت بتحقق أرباح أقل أيًا كان نوع المحتوى.. وتم خفض معدلات الوصول بشكل واضح وصريح بداية من 7 أكتوبر(..) والمحتوى المتعلق بالحرب لا يحقق أرباح بالفعل على الفيس بوك ربحيته تكاد تكون منعدم”.
الخوارزميات: تقييد المحتوى الفلسطيني
وبشأن عمل الخوارزميات يوضح الدكتور فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي والمحاضر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بأن الخوارزميات التي تعمل بها منصة ميتا تبحث عن الكلمات المفتاحية المقررة مسبقًا ومن أبرزها فلسطين وغزة وباقي أسماء الحركات الفلسطينية وقياداتهم، وتواجهها بمستويات مختلفة تبدأ بتقليل انتشار المنشور المتضمن لتلك الكلمات أو المحتويات الخاصة بالقضية الفلسطينية، وتقليل "الريتش" وصولًا إلى توقيف أو تعطيل الصفحة وتصل أيضًا إلى حد حذف الصفحة كليًا.
وأنه لا يوجد ما يمنع إن الخوارزميات بأن تعمل بأثر رجعي على منصة التواصل الاجتماعي، حيث يعود ذلك إلى سياسة منصات التواصل الاجتماعي التي كثيرًا ما تكون غير صريحة وغير واضحة، وذلك حتى لا يؤخذ عليها أي موقف، إذ نرى أن المنصات تعلن تبنيها لحرية الرأي في حين أنها تحذف المنشورات وتقيد المستخدمين وفقًا لرؤيتها يضيف رمزي.
ولمواجهة تلك التأثيرات من قبل منصات التواصل الاجتماعي أشار مستشار الإعلام الرقمي والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أن وسائل الإعلام عليها توثيق كافة الأحداث على مواقعها الخاصة على شبكة الإنترنت، وليس منصات التواصل الاجتماعي، حتى لا تكون خاضعة لمقصلة الخوارزميات المشغلة لمنصات التواصل الاجتماعي، فيما يمكن استخدام تلك المنصات فقط للتوثيق لتلك الأخبار المنشورة وجذب القارئ لها.

مقصلة الخوارزميات على منصات ميتا تأثرت بها صحيفة الشروق، منذ السابع من أكتوبر بعدة قيود وعقوبات مختلفة منها حذف المنشورات والمقاطع المصورة، أو إخضاعها للمراجعة ثم إعادتها بعد فترة طويلة فتكون قد فقدت صلاحيتها للنشر والتفاعل، حسب ما يقول محمد بصل، مدير تحرير جريدة الشروق ومقرر لجنة الحريات والتشريعات بالمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين المصريين والذي انعقد قبيل نهاية عام 2024.
وأضاف بصل، أن كل ما سبق من عقوبات يمكن أن يكون منفردًا أو مصحوبًا بتخفيض جودة الصفحة ما ينعكس بصفة عامة بالسلب على كفاءة الوصول أو التفاعل، وأن وسائل الإعلام اضطرت إلى تخفيف المحتوى الخاص بأحداث غزة أو تقليله أو التعامل معه بانتقائية أو بدون نشر الصور الحقيقية للأحداث، وذلك بسبب هذه القيود وبسبب اعتمادها الكبير على مواقع التواصل، ما أدى إلى تخفيض عدد المعرضين للسرديات المصرية الخاصة بالقضية الفلسطينية وتراجع التفاعل معها، ومن جانب آخر تراجع اهتمام القارئ العربي بوجه عام بالقضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن صحيفة الشروق اضطرت إلى إجراء تعديلات صحفية، وإن كانت محدودة، لملاءمة قيود واشتراطات منصات ميتا، دون أن يفقد المحتوى معناه، وأنه في فترة ما من العام الماضي 2024 أثرت هذه القيود على اهتمام الرأي العام المصري بالقضية، وتزامن ذلك بالفعل مع انخفاض عدد المواد المنشورة في المواقع المصرية عن تطورات غزة، إلا أن القضية عادت للواجهة مرة أخرى عقب إعلان وقف إطلاق النار، وتجدد الاهتمام بشدة على وقع عودة النازحين وموقف الدولة المصرية والشعب المصري الصارم ما أدلى به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التهجير.
القيود الرقمية: قيود على العمل الصحفي
كما يشير معهد الشرق الأوسط للدراسات، مقره واشنطن، في تقرير له، إلى أن شركات التكنولوجيا (من بينها ميتا) تؤدي دورًا أساسيًّا في قمع وجهات النظر الفلسطينيَّة على الإنترنت وعزلها وتنميطها والتشهير بها وشيطنتها والحطّ من قيمتها سواء تعمدت القيام بذلك أم لا، بسبب الانحياز المنهجي في الخوارزميات وكيفيَّة إدارة المحتوى، وآليات الإبلاغ غير الفعّالة، وقلّة الدراية عمومًا بالسياقات واللغات المحلّية.
وأنه منذ 7 أكتوبر2023، شهدت منصَّات التواصل الاجتماعي طوفانًا من المعلومات المُضلِّلة وخطاب الكراهية، ما زاد الوضع سوءًا، وأن منصات ميتا المختلفة لعبت دورًا مؤثرًا في ذلك بسبب استخدامها الواسع النطاق في المنطقة وحالات الخلل التقني الغامضة والمتكرّرة التي زادت من انحياز خوارزميات هذه المنصَّات ضدَّ الفلسطينيّين وفلسطين، وأن منصات ميتا من دون إدارة مناسبة للمحتوى، تعمل أيضًا بنشاط على قمع المحتوى الفلسطيني الذي يوثّق انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، مثل الفيديوهات التي تتضمّن أدلّة على قصف المسستشفيات، مشيرًا إلى تعرَّض الفلسطينيين وحلفاؤهم بمن فيهم الصحافيون والمدافعون عن حقوق الإنسان والمؤسسات الإعلامية، بشكل غير متناسب إلى الحجب المظلل، وهو مُصطلح يشير إلى تدابير غير مُعلَن عنها تتَّخذها منصَّات التواصل الاجتماعي لتقييد عدد المُشاهدات أو مدى وصول منشور أو حساب معين.

وتسببت تلك القيود في إرغام الصحف المصرية على إخفاء وتجهيل القيادات الفلسطينية في قطاع غزة وتحولهم لأشباح على منصات التواصل الاجتماعي، وفي حال رغبة الجمهور لمتابعتهم عليه التوجه إلى التلفاز، يقول عدي إبراهيم، مدير تحرير موقع القاهرة 24 لتطوير المحتوى.
وأضاف أن الصحفي بات غير قادر على ممارسة دوره الرئيسي بالإخبار عن القضية وعن أبطالها الرئيسيين في الحرب ما بين قطاع غزة وإسرائيل، ما جعل الحرب أقل معلومية عند الأجيال الأصغر سنًا التي تستخدم منصات التواصل الاجتماعي لكسب معلوماتها وخبراتها، مؤكدًا أن ما يحدث هو عملية تجهيل، وبالتالي الرسالة المصرية المتعلقة بالقضية الفلسطينية لا تصل، في حين أن الرسالة الإسرائيلية في المقابل تصل بشكل كامل، كون الفيس بوك وغيره من منصات ميتا غير حيادية بشأن الحرب، وأثرت علينا كصحفيين ومؤسسات صحفية بشكل رئيسي في تناول القضية الفلسطينية طوال الحرب.
استطلاع رأي: الصحافيون يؤكّدون تعرّض مؤسساتهم للقيود
وفي استطلاع أجريناه تضمن 15 صحفيا وصحفية من 15 موقعًا وصحيفة مصرية مختلفة، تبين أن 13 صحفي أي 87% قالوا إن الوسائل الإعلامية التي يعملون بها تعرضت لقيود وتأثيرات من قبل منصات التواصل الاجتماعي التابعة لميتا، إثر تناولهم وعرضهم محتوى صحفي بشأن الحرب في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
تعددت تلك التأثيرات ما بين تقييد الوصول إلى الصفحة التابعة للصحيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، حذف منشورات من الصفحات، أو حظر الصفحة، إلى جانب قيام الصحفيين بتعديلات على الأخبار التي يرغبون في تناولها على منصات التواصل الاجتماعي بشأن الجانب الفلسطيني في الحرب، لضمان إمكانية تناولها دون تعرضها لمقصلة ميتا.
فيما رأى 60% من الصحفيين محل الاستطلاع أن منصاتهم أجرت تعديلات في طرق الكتابة الصحفية لملائمتها لاشتراطات ميتا بشأن الحرب، بينما قال 33% من بينهم أن العوائد المالية لوسائل الإعلام المالية تأثرت بسبب إجراءات ميتا، ورأى 20% أن منصاتهم تأثرت ماديًا بشكل كبير جراء تلك الخطوات المتبعة من ميتا.
تقييد الصفحات الخاصة للصحفيين
وهو ما أيدته الإعلامية ريهام عياد مقدمة برنامج القصة على منصة الفيس بوك، أن شركة ميتا قيدت “الريتش” عن الشرق الأوسط بشكل عام وكل من يتحدث عن القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط بشكل خاص، وأنه يتم معاقبة المتحدثين بنسبة 100%.
وتضيف عياد، أن صفحتها تعرضت لتقيد الوصول “الريتش” كونها تقدم محتوى سياسيًا، وذلك بعدما قدمت 5 حلقات متتالية عن القضية الفلسطينية، إذ باتت المشاهدات لا تمثل 1% من أصل 5 ملايين متابع لصفحتها، مؤكدة أن تلك القيود عادت مرة أخرى عقب تصدر الحديث عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ومواجهته بالرفض في الشرق الأوسط، ما أدى إلى تراجع كبير في العوائد المالية لتقديم المحتوى؛ نتيجة تقديمها للمحتوى الفلسطيني.
وإلى جانب ريهام، تروي نهى لملوم الصحفية والمنتجة المشاركة في صحفة أصوات من الحرب بودكاست، المتخصصة في إيصال صوت الفلسطينيين عن الحرب، أنه في بداية إنشائهم للصفحة واجهتهم بعض المخاوف المتعلقة بسياسات الفيس بوك تجاه القضية الفلسطينية والنشر المتعلق بتغطية كل ماله علاقة بالحرب في غزة، وفي مقدمتها اسم الصفحة الذي كان يحمل اسم voices of war podcast، مرورًا بتصميم الهوية البصرية والتصميمات الجرافيك للصفحة، ما دفعهم للاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتصميم الصور المستخدمة بدلًا من استخدام صور حية للأحداث خشية من تعرض المحتوى للحذف أو لتقيد الوصول، فضلا عن استخدام حروف ورموز في كلمات مثل غـzـة، حـ*ـرب أو استخدام ألوان للعلم الفلسطيني من اي رموز واشكال بالأبيض والأخضر والأسود والأحمر بدلًا من استخدام العلم ذاته.
وتضيف لملوم: "ساعدني تخصصي في التدريب على الأمان الرقمي للصحفيين على تجنب العديد من مشكلات النشر التي فرضها فيس بوك، إلا ان أهم نقطة تهم كل صحفي ومقدم محتوى يشاركه على منصات التواصل وهي الوصول لجمهوره بشكل طبيعي وسهل، ظلت أزمة مؤرقة لهم، فالخوارزميات كانت تعمل عكس التيار وكانت تحتاج الي متابعة التحديثات بشكل يومي، كون الفيس بوك (أكبر منصات ميتا) يحدث خوارزمياته للتعرف على ما يكتب عن الحرب في غزة بشكل دوري.
فيما يقول أحمد سعد مالك صفحة أصل نيوز، إن صفحته على منصة فيس بوك (إحدى منصات ميتا) تعرضت لثلاثة أنواع من القيود كلها تهدف إلى تقليل وصول المحتوى الفلسطيني للجمهور، ما دفعه لتغير الصفحة التي يظهر من خلالها بالكامل، في حين يتاح للجمهور العالمي تلقى الرواية الإسرائيلية بشكل مستمر عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، ما يؤدي إلى احتكار الرواية الصهيونية للفضاء الرقمي، حيث يصبح من الصعب على الجمهور التعرف على الحقيقة.
وأضاف: "كنت قد أنشأت صفحة كاملة لمتابعة الأخبار، لكن اضطررت إلى إغلاقها بسبب كثرة القيود التي تعرضت لها، خاصة بعد نشر مقاطع فيديو عن نتنياهو".
بين أكتوبر ونوفمبر 2023: 1050 حالة حذف لمحتوى فلسطيني سلمي
بالإضافة إلى آراء الصحافيين وشهاداتهم، تواصلنا أيضًا مع لجنة حماية الصحفيين (CPJ) وهي منظمة غير حكومية غير هادفة للربح مقرها في مدينة نيويورك تهدف إلى حماية حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الصحفيين عالميًا، والتي بدورها أرسلت إلينا تقرير صادر من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش، وهي منظمة دولية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لها، مقرها مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، رصد أن سياسات شركة میتا وممارساتھا تسكت الأصوات الداعمة لفلسطین وحقوق الإنسان الفلسطینیة، عبر منصاتها، في موجة رقابة مشددة على وسائل التواصل الاجتماعي أثناء القتال بین القوات الإسرائیلیة والفصائل الفلسطینیة المسلحة منذ 7 أكتوبر 2023.
ووثقت المنظمة حسب تقريرها، أكثر من 1،050 عملیة إزالة بین أكتوبر ونوفمبر2023 فقط، وعملیات حجب أخرى لمحتوى فلسطيني، مبينة في تقريرها أنه من بین الـ 1،050 حالة التي تمت مراجعتھا، كانت هناك 1،049 حالة تتعلق بمحتوى سلمي لدعم فلسطین تم حظره أو حجبه بشكل غیر مبرر، في حین تضمنت حالة واحدة إزالة محتوى داعم لإسرائیل، وأن الحالات تتضمن محتوى من أكثر من 60 دولة حول العالم، كما وجدت أن الرقابة على المحتوى المتعلق بفلسطین أدى إلى إزالة محتوى متعلق بفلسطین بشكل خاطئ، وأن سلوك میتا لا یفي بمسؤولیاتھا المتعلقة بالعنایة الواجبة لحقوق الإنسان.

ملاحقة قانونية لميتا
بدوره أوضح الكاتب الصحفي محمود كامل رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصرية، أن القيود المفروضة من قبل وسائل التواصل الاجتماعي على وسائل الإعلام منذ 7 أكتوبر وما تلاها من أحداث، أتاحت الفرصة لتداول الرواية الإسرائيلية، بينما أجبرت المنصات التابعة للصحف المصرية على وسائل التواصل الاجتماعي على عدم نشر حقائق كثيرة تتعلق بالقضية الفلسطينية، وعدم استخدام كلمات واضحة وأسماء بشأن القضية الفلسطينية حتى لا يتعرضوا لمقصلة التقييد وكذلك للاستمرار في تناول الأخبار عن الحرب على غزة.
وأكد أن وسائل التواصل تقيد العمل الصحفي المصري وكذلك العربي بشأن القضية الفلسطينية، وأن ذلك بات يشير إلى الحاجة الماسة لتحرك قانوني من قبل مصر والدول العربية ممثلة في جامعة الدول العربية عبر وزراء الإعلام العرب لاتخاذ إجراءات قانونية لمقاضاة الشركات المالكة لتلك المنصات.

وتوجهنا باستفسارات متتالية إلى شركة ميتا بشأن الاتهامات الموجهة إليها من قبل الصحفيين ووسائل الإعلام المصرية إثر ما تعرضوا له من تأثيرات منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023، بمخاطبتها 3 مرات متتالية عبر عنوان بريد وضعته ميتا للصحافة بموقعها الرسمي، إلا أننا لم نحصل على إجابات حتى نشر التحقيق.
كما توجهنا إلى منصة الفيس بوك عبر مركز الدعم الخاص بالمنصة والذي أبلغنا بالتواصل مع المكتب الإعلامي للمنصة للرد علينا بالمعلومات المطلوبة، وبمراسلته أيضًا عبر عنوان البريد الإلكتروني المرسل إلينا من مركز الدعم، لم نحصل على أي إجابات أو توضيحات حتى موعد نشر التحقيق.
تم انتاج هذا التحقيق بدعم من الاتحاد الأوروبي ضمن زمالة تأثير النزاعات والحروب على تغطية الصحافة والاعلام، وهذا المحتوى لا يعكس بالضرورة وجهة نظر الاتحاد الأوروبي.