المشارح ممتلئة بالكامل.. 773 قتيلًا وآلاف الجرحى في مستشفيات جوما الكونغولية
![جوما](/UploadCache/libfiles/150/7/600x338o/308.jpg)
أعلنت وزارة الصحة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، اليوم السبت، أن 773 جثة موجودة في مشارح المستشفيات داخل مدينة جوما ومحيطها، وذلك عقب الهجوم العنيف الذي شنّه متمردو حركة M23 المدعومين من رواندا.
وأضافت الوزارة أن المشارح امتلأت بالكامل، بينما لا تزال جثث أخرى ملقاة في الشوارع، مشيرة إلى تسجيل 2.880 مصابًا بين 26 و30 يناير.
سقوط جوما وتفاقم الأزمة الإنسانية
وكان استولى مقاتلو M23، وهي جماعة مسلحة يقودها أفراد من عرقية التوتسي، يوم الثلاثاء، على مدينة جوما، أكبر مدن شرق الكونغو وعاصمة مقاطعة كيفو الشمالية، التي تشتهر بثرواتها الطبيعية الهائلة من الذهب والكولتان والقصدير.
وبعد السيطرة على جوما، تحرك المتمردون باتجاه مدينة بوكافو في مقاطعة كيفو الجنوبية، لكنهم واجهوا مقاومة شرسة يوم الجمعة من قبل الجيش الكونغولي المدعوم بقوات من بوروندي.
ويُعرف متمردو M23 بأنهم مدربون جيدًا ومجهزون بأسلحة متطورة، وهم امتداد لحركات تمرد سابقة مدعومة من رواندا في شرق الكونغو، والتي برزت بعد الحروب الدموية التي أعقبت الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
تفاقم الكارثة الإنسانية
وأدى التصعيد الأخير إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المتواصلة في المنطقة، حيث اضطر مئات الآلاف إلى الفرار إلى جوما هربًا من المعارك بين الجيش الكونغولي ومتمردي M23، ومع تقدم المتمردين تدفق آلاف الأشخاص الآخرين إلى المدينة خلال الأسابيع الماضية بحثًا عن الأمان.
وفي ظل القتال العنيف، كافحت المنظمات الإنسانية لمواصلة عملياتها، إذ تعرضت مستودعاتها للنهب، واضطر موظفوها إلى مغادرة المنطقة خوفًا من استهدافهم بالنيران المتبادلة.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود يوم الجمعة أنها استنفدت تقريبًا مخزونها من الأدوية وأوقفت دعمها للنازحين، في حين أكدت برنامج الأغذية العالمي أنه قام بإجلاء موظفيه وتعليق عملياته.
كما أشارت وزارة الصحة الكونغولية إلى نقص حاد في الإمدادات الطبية وسيارات الإسعاف وأكياس حفظ الجثث، وسط استمرار القيود الأمنية التي تعيق الوصول إلى بعض مناطق المدينة.
عودة تدريجية للحياة في جوما رغم انتهاكات حقوق الإنسان
بحلول اليوم السبت، بدأت مظاهر الحياة تعود تدريجيًا إلى جوما بعد أيام من المعارك العنيفة، التي تخللتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، شملت إعدامات ميدانية، وقصف مخيمات النازحين، وجرائم اغتصاب جماعي وأشكال أخرى من العنف الجنسي.
وفي محاولة لإظهار قدرتهم على فرض النظام والحكم، أعلنت حركة M23 عن إعادة تشغيل الكهرباء والمياه، التي كانت مقطوعة لعدة أيام، كما أُبلغ السكان بإعادة فتح المدارس والسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم.
ومع ذلك، لا تزال الأوضاع المعيشية صعبة، حيث أعيد فتح الأسواق، لكن نقص الغذاء ما زال حادًا، والعديد من المتاجر فارغة، كما أشار أحد السكان إلى أن خدمات الإنترنت عبر الهاتف المحمول لا تزال معطلة.
انسحاب جزئي للمتمردين والجيش يستعيد بعض المناطق
وشهد اليوم السبت، تباطؤًا في تقدم متمردي M23، بعد أن تمكن الجيش الكونغولي من استعادة السيطرة على بعض المناطق، وأفاد جاستن موليندانغابو، وهو زعيم مدني محلي، بأن الجيش استعاد عدة قرى، منها موكويجا، وشانجي، ونومبي، ونياماساسا، الواقعة في إقليم كاليهي، الذي يتوسط الطريق بين جوما وبوكافو.
وأكد مسؤول محلي، أن القوات الكونغولية عززت مواقعها في كاليهي، واستعادت السيطرة على عدة قرى، لكن القتال لا يزال مستمرًا في مناطق أخرى.
التوترات الإقليمية وتصاعد الانتقادات الدولية
تزايد التوتر بين دول المنطقة، حيث عززت بوروندي قواتها لدعم الجيش الكونغولي في كيفو الجنوبية، وفي تصعيد خطير، حذّر الرئيس البوروندي إيفاريست ندايشيمي يوم الجمعة من أنه سيرد على أي اختراق رواندي لحدود بلاده أو محاولة توسيع الصراع إلى أراضيه.
من جهتها، اتهمت رواندا جارتها بوروندي بالسعي إلى الإطاحة بحكومتها في كيجالي، وردّ وزير الخارجية الرواندي، أوليفييه ندوهونغيريهي، يوم السبت، قائلًا: أن بوروندي هي التي تحاول زعزعة الاستقرار في رواندا، وليس العكس.
وفي ظل هذا التصعيد، تصاعدت الإدانات الدولية لرواندا، وسط دعوات متكررة لوقف إطلاق النار، وتنفي كيجالي دعمها لمتمردي M23، وتدّعي أنها تدافع عن أمنها القومي، بينما تؤكد حكومة الكونغو الديمقراطية أن رواندا تستخدم المتمردين كواجهة لنهب ثروات البلاد المعدنية.
يشار إلى أن الوضع في شرق الكونغو ما زال متفجرًا، حيث يواجه السكان أزمة إنسانية خانقة في ظل تصاعد العنف، فيما تتعقد الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل للأزمة وسط الاتهامات المتبادلة بين الأطراف الإقليمية.