التوترات في الكونغو | المتمردون يعززون سيطرتهم على جوما.. وتبادل إطلاق النار مستمر
![العنف في الكونغو](/UploadCache/libfiles/150/5/600x338o/143.jpg)
لا تزال أحداث العنف التي تشهدها مدينة جوما، الواقعة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، مستمرة، حيث عزز متمردو حركة M23، المدعومون من رواندا، سيطرتهم على المدينة. ورغم أن الأوضاع بدت هادئة إلى حد كبير اليوم الأربعاء، إلا أن تبادل إطلاق النار المتفرق استمر في ضواحي المدينة، وفقًا لما أفاد به السكان.
التوترات في الكونغو
وحسب وكالة رويترز، دخل المقاتلون المتمردون، المدعومون بقوات رواندية، المدينة الواقعة على ضفاف بحيرة كيفو، التي يقطنها قرابة مليوني نسمة، يوم الاثنين، في أسوأ تصعيد يشهده الصراع المستمر منذ أكثر من عقد. وأسفرت المعارك عن سقوط قتلى في الشوارع وامتلاء المستشفيات بالمصابين.
واستولى المتمردون على المطار الدولي للمدينة يوم الثلاثاء، ما قد يقطع الطريق الرئيسي لإيصال المساعدات إلى مئات الآلاف من النازحين.
وقال أحد سكان حي ماجينغو شمالي المدينة: "تُسمع بين الحين والآخر طلقات نارية متفرقة هنا في الحي، بالتأكيد هم عناصر من ميليشيا 'وازاليندو'،" في إشارة إلى الجماعات المسلحة التي تحالفت مع الحكومة الكونغولية عام 2022 لصد تقدم "M23" في المناطق الريفية.
إدانة دولية ودعوات لوقف إطلاق النار
أثار الهجوم على جوما إدانات دولية واسعة ضد رواندا، وسط دعوات لوقف إطلاق النار. وحثّت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، على النظر في اتخاذ إجراءات غير محددة لوقف الهجوم.
وفي منشور على منصة "إكس"، قال الرئيس الرواندي بول كاغامي إنه اتفق، خلال مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكنه لم يُظهر أي نية للانسحاب من جوما كما تطالب بعض الأطراف الدولية.
وكتب كاغامي: "أجريت محادثة بنّاءة مع الوزير روبيو حول ضرورة ضمان وقف إطلاق النار في شرق الكونغو الديمقراطية، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع نهائيًا."
من جانبه، أعرب روبيو عن قلق واشنطن العميق إزاء التصعيد، مشددًا على أهمية احترام السيادة وسلامة الأراضي، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية.
وتُعد حركة M23 أحدث حلقة في سلسلة من التمردات المسلحة التي قادتها جماعات تابعة لإثنية التوتسي ومدعومة من رواندا، والتي زعزعت استقرار الكونغو منذ الإبادة الجماعية في رواندا قبل 30 عامًا. وقد شهدت تلك الإبادة مقتل مئات الآلاف من التوتسي والهوتو المعتدلين على يد متطرفي الهوتو، قبل أن تُطيح بهم القوات التوتسية بقيادة كاغامي.
وتزعم رواندا أن بعض مرتكبي الإبادة الفارين وجدوا ملاذًا في الكونغو منذ ذلك الحين، حيث شكلوا ميليشيات تتحالف مع الحكومة الكونغولية، مما يشكل تهديدًا لكلٍّ من التوتسي في الكونغو ورواندا ذاتها.
غير أن الكونغو ترفض هذه المزاعم، متهمة رواندا باستخدام الميليشيات التابعة لها للسيطرة على الموارد المعدنية الثمينة مثل الكولتان، المستخدم في صناعة الهواتف الذكية.
تبادل إطلاق النار بين الجيشين الكونغولي والرواندي
تبادل الجيشان الكونغولي والرواندي إطلاق النار عبر الحدود المشتركة يوم الاثنين، حيث أفادت رواندا بمقتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص.
إطلاق نار متقطع ونهب في جوما
وفي ملعب رياضي بمدينة جوما يوم الثلاثاء، شوهد مئات الجنود الحكوميين والمقاتلين الميليشياويين غير المسلحين يجلسون على أرض الملعب، بينما وقف آخرون في طابور فيما وصفه مقاتلو "M23" بأنه عملية نزع سلاح، وفق مقطع فيديو تم تداوله.
وفي ذات السياق، قال برتران بيسيموا، رئيس الجناح السياسي للحركة، عبر "إكس"، إن آخر جيوب المقاومة في جوما قد سقطت.
وأضاف: "جيشنا يعمل بجد لضمان الأمن الكامل والهدوء التام والسلام الدائم، كما هو الحال في جميع المناطق المحررة."
من جانبها، أكدت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورئيس بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أن قوات رواندية موجودة بالفعل في جوما لدعم حلفائها من "M23"، بينما تقول رواندا إنها تدافع عن نفسها ضد تهديد الميليشيات الكونغولية، دون التعليق مباشرة على مسألة دخول قواتها إلى الأراضي الكونغولية.
وكانت M23 قد سيطرت على جوما في عام 2012 خلال آخر تمرد رئيسي لها، لكنها انسحبت بعد بضعة أيام عقب ضغوط دولية مكثفة وتهديدات بقطع المساعدات عن رواندا.
إلا أن محللين ودبلوماسيين يستبعدون أن تتكرر هذه الضغوط هذه المرة، مشيرين إلى إحجام القوى العالمية عن مواجهة رواندا، التي نجحت في تقديم نفسها كحليف مستقر في منطقة مضطربة.
احتجاجات في كينشاسا ضد التدخلات الخارجية
وفي العاصمة الكونغولية كينشاسا، على بعد 1،600 كيلومتر غرب جوما، هاجم محتجون مبنى تابعًا للأمم المتحدة وسفارات رواندا وفرنسا والولايات المتحدة، يوم الثلاثاء، تعبيرًا عن غضبهم مما وصفوه بالتدخلات الخارجية.
أزمة إنسانية متفاقمة
وعالجت أربعة مستشفيات رئيسية في جوما ما لا يقل عن 760 جريحًا أصيبوا جراء القتال، وفق ما أفادت به مصادر طبية وإنسانية لوكالة رويترز، مشيرة إلى صعوبة تحديد عدد القتلى بدقة، نظرًا لأن كثيرًا من الجثث لا تصل إلى المستشفيات.
وقال مدير أحد مستشفيات المدينة: "اضطررنا إلى سحب البنزين من سيارات الإسعاف لتشغيل المولد الكهربائي، لأن هناك مرضى يعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي، وكانوا سيفارقون الحياة دون كهرباء."
وأضاف: "الإصابات في الغالب شديدة للغاية، بعض المصابين يموتون قبل أن يصلوا إلى المستشفى."