لا خبز لا نوم لا حياة| جمال الدرة لـ القاهرة 24: فقدت 70 شهيدًا ودُمر بيتي.. وننتظر دورنا في الموت

لم يكن يوم الـ 30 من شهر سبتمبر من عام 2000، يوما عاديا في تاريخ المقاومة الفلسطينية إبان انتفاضة الأقصى الثانية، ولا في تاريخ العالم بأسره من أقصاه إلى أقصاه.
كان العالم أمام يرى في صفحات الأخبار وعلى شاشات النشرات مشهدا إنسانيا لطفل فلسطيني يبلغ 12 عاما يدعى محمد يصرخ خوفا بينما كان يختبئ بوالده جمال الدرة لكن ثواني معدودات أطلق معها رصاصات الغدر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، كفيلة بإسكات صوته.
جمال الدرة رمزا من رموز المقاومة الفلسطينية
ما وثقه الصحفيون في ذلك الوقت وبما يطلق عليه في زماننا هذا "تريند" كان كفيلا بإيقاذ ضمير العالم الذي تحرك ولو خطوات للتنديد بأفعال المحتيل، بينما هو الآن في زمن مواقع التواصل الاجتماعي يغض في سبات عميق أمام مشاهد توثق استشهاد عشرات الأولوف من الفلسطينيين وأضعافهم من المصابين وشعب كامل مشرد وجائع ينتظر دوره.
بعد مرور 25 عاما على تلك المشاهد يصرخ الأب المكلوم جمال الدرة، لكن هذه المرة ليس على نجله محمد الذي فقده منذ حوالي ربع قرن، أو ابنه أحمد صاحب الـ 33 عاما الذي ودعه منذ شهور في قصف إسرائيلي أو أشقائه أو جيرانه أو أقاربه، لكنه يبكي على شعب كامل محاصر في سجن كبير داخل غزة.
يروي جمال الدرة، للقاهرة 24، والألم يعتصر قلبه، الحال الذي وصل له القطاع وسكانه مع تجدد القصف الإسرائيلي على القطاع، واصفا المشهد بقوله: الاحتلال دمر كل البنية التحتية ولم يرحم لا الحجر ولا البشر.. بيقصفوا البيوت المدمرة.
يقول الدرة بأن الاحتلال الإسرائيلي، لم يكتفي بإيقاف المستشفيات عن الخدمة الطبية عن طريق تخريبها أو قتل المدنين من الأطفال والنساء أو اغتيال المسعفين وطواقم الحماية المدنية، فكلهم شهداء عند ربهم يرزقون، لكنه ينتهج أسلوبا نازيا مع من تبقى على قيد الحياة من سكان غزة، من خلال تشريده وتجويعه ومحاولة قتل الأمل في نفوسهم، لكنه الوقت نفسه يجيب بقوله: بعده.
جمال الدرة شاهدا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي
يكشف جمال الدرة أحد رموز المقاومة الفلسطينية، بأن الأوضاع الإنسانية لا يمكن لبشر تخيلها فهناك الوضع يزداد صعوبة وبؤسا على قاطني القطاع، فالاحتلال الإسرائيلي احتل منطقة رفح الفلسطينية بالكامل، وأجبر سكانها والنازحين على مغادرتها، وأصبح العيش بلا خيام أو بيوت مع تضييق الحصار عليهم.
وتابع قائلا: الاحتلال احتل رفح بالكامل.. وأخلى شمال وشرق بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا والشجاعية وخانيونس. الجثث متفحمة في كل مكان.. ولا مكان للدفن بالمقابر فهي مكتظة.. دا حتى الأكفان فيها أزمة يعني من يستشهد ما نلاقيله كفن.
الجوع بيلاحق أجسادنا وأجساد أطفالنا.. هكذا يحاول جمال الدرة أن يخاطب مشاعر العالم خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي منع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية من المعابر للدخول إلى قطاع غزة من قبل شهر رمضان المبارك، فالطعام الذي هو من ضرورات الحياة أصبح لسكان القطاع بالكامل غير موجود وتحول إلى حلم، قائلا: نفد الدقيق من عند الجميع.
ثواني معدودة دون أن يتكلم الدرة، لكن صوتا مزعجا كنا نسمع صداه في المكالمة، ليعاجلنا بأنها "الزنانة" وهي الطائرات بدون طيار التي تفارق سماء غزة هي والطائرات المقاتلة التي تقصف الجميع دون استثناء.
في استنكار شديد يطرح جمال الدرة، سؤالا للعالم أجمع، لما ذا كل هذا الصمت وذاك الخذلان، وماذا لو أن الفلسطينيون هم الجناة هل كان العالم سيسكت ويغض الطرف؟.
ويختتم الدرة حديثه معنا وهو يحس بدنو أجله مع القصف الذي لا يتوقف، قائلا: نحن ننتظر دورنا مع فارق التوقيت مع الموت.. ونناشد أبناء أماتنا العربية والإسلامية بالعون والمساندة لأهل غزة لأنه كدا كفاية.. كفاية..