الإثنين 14 أبريل 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

اقتحام الأقصى.. أهداف بن غفير من الشوشرة على «قطر غيت» إلى التمهيد لمؤامرة أكبر

إبراهيم الدراوي
سياسة
إبراهيم الدراوي
الجمعة 04/أبريل/2025 - 02:53 م

في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية حالة من الاحتقان الشديد، أقدم وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، على اقتحام المسجد الأقصى صباح اليوم، وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الاحتلال.. خطوة بن غفير، التي تأتي في وقت يتصاعد فيه العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة، تحمل دلالات سياسية وأمنية عميقة، وتثير تساؤلات حول ما وراء هذا التصعيد في القدس المحتلة.


الاقتحام لم يكن مجرد حدث أمني عابر؛ فقد رافقه انتشار مكثف لقوات الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة، التي فرضت طوقًا أمنيًا في محيط البلدة القديمة، ومنعت الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد الأقصى، ما يعكس نية الاحتلال في فرض واقع جديد في المدينة المقدسة.

هذه الخطوة تأتي في إطار السياسة التصعيدية التي تتبعها حكومة بنيامين نتنياهو، في ظل أجواء من التوتر الشديد التي تعيشها المنطقة، ووسط محاولات من الاحتلال لتغيير المعادلة في القدس واستفزاز الفلسطينيين والعالم الإسلامي.
يعد اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى جزءًا من استراتيجية ممنهجة تسعى إلى فرض واقع جديد في القدس المحتلة، حيث يكرر الوزير اليميني المتطرف اقتحاماته منذ توليه منصب وزير الأمن القومي، في محاولة لتعزيز السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، الذي يُعدّ من أكثر النقاط حساسية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مع تصاعد الدعوات من قبل جماعات صهيونية متطرفة، ما يزيد المخاوف من تفجر الأوضاع، خاصة في ظل استمرار المواجهات في الأراضي المحتلة.


أهداف بن غفير 


أول أهداف بن غفير هو فرض واقع جديد في القدس، فالوزير المتطرف الذي يُعتبر أحد أبرز رموز اليمين الصهيوني في إسرائيل، يسعى جاهدًا لتكريس هذه الاقتحامات كأمر واقع، في خطوة تهدف إلى تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، من خلال تخصيص أوقات معينة للصلاة والعبادات لكل من المسلمين واليهود، أو من خلال تقسيم أجزاء معينة من المسجد لاستخدام كل طرف، ضمن مخطط يضع أسسًا جديدة للسيطرة الإسرائيلية على أقدس الأماكن الإسلامية في القدس.
والتقسيم الزمني والمكاني فكرة خبيثة تعبر أحد الأدوات التي قد تستخدمها إسرائيل لتقليص الوجود الإسلامي في المسجد الأقصى، وتقسيمه بما يتماشى مع الأجندات السياسية والهدف الأكبر في تهويد المدينة المقدسة، وبينما يصر الفلسطينيون على أن المسجد الأقصى هو مكان مقدس لهم ولديهم السيادة عليه، يرى الكثيرون أن هذه الاقتحامات والتقسيمات هي محاولات مستمرة لفرض واقع جديد على الأرض قد يغير الوضع القائم ويشكل تهديدًا كبيرًا للقدس ككل.
في الوقت نفسه، يسعى بن غفير إلى تعزيز صورته كزعيم متشدد أمام قاعدة مؤيديه في اليمين الديني والقومي المتطرف في إسرائيل.. بالنسبة له، كل اقتحام للأقصى هو بمثابة استعراض قوة أمام هؤلاء، الذين يعتبرون هذه التصرفات ضرورية لاستعادة السيطرة اليهودية على الأقصى، وهو ما يجعل هذه الاقتحامات بالنسبة لهم خطوات رمزية ذات أهمية كبيرة.
لكن الأمر لا يقتصر على الداخل الإسرائيلي فقط، بل يتعداه إلى اختبار ردود الفعل الفلسطينية والعربية.. في ظل الأزمات الداخلية التي تمر بها بعض الدول العربية والإقليمية، يحاول بن غفير تقييم مدى قوة رد الفعل الفلسطيني والعربي تجاه هذه التحركات الاستفزازية. هذا التوقيت قد يمنح إسرائيل فرصة أكبر للتحرك في مشاريعها التهويدية، كما أن الاقتحام، بمثابة تهيئة لمزيد من الاقتحامات الجماعية في المستقبل، عبر جماعات "الهيكل المزعوم".
ولا يمكن تجاهل أن هذه الاقتحامات تأتي في إطار محاولات استفزاز المقاومة الفلسطينية. بن غفير، الذي يعرف جيدًا أن الأقصى يمثل قضية حساسة لدى الفصائل الفلسطينية، يهدف من خلال هذه التحركات إلى استدراج رد فعل عنيف، قد يتيح لإسرائيل ذريعة لمزيد من التصعيد العسكري ضد قطاع غزة أو الضفة الغربية، وهو ما يتماشى مع أجندته الأمنية والسياسية.
وفي توقيت حسّاس أيضًا، تأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه حكومة نتنياهو أزمات سياسية داخلية حادة، أبرزها الاحتجاجات المستمرة ضد الإصلاحات القضائية. في هذا السياق، يحاول الوزراء المتطرفون من خلال تصعيد الأوضاع في القدس أن يلفتوا الأنظار بعيدًا عن الأزمات الداخلية ويشغلوا الرأي العام في قضايا أخرى.
كما يأتي اقتحام بن غفير كجزء من سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى إعادة رسم المشهد السياسي والديني في القدس، هذه الاقتحامات المتكررة تسعى إلى تهويد المدينة المقدسة وتقليص الوجود الإسلامي فيها، مما يعكس تطورًا متسارعًا في مشروع الاحتلال لإعادة هندسة الواقع في القدس بما يتماشى مع طموحات إسرائيل في المدينة.


فضيحة «قطر غيت»


في سياق متصل بالتصعيد الأخير الذي شهدته القدس، يمكن للمرء أن يلاحظ ارتباطًا محتملًا بين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى وبين فضيحة «قطر غيت» التي تتصاعد تداعياتها مؤخرا. قد يكون هذا الاقتحام جزءًا من استراتيجية دعائية تهدف إلى تحويل الأنظار عن الفضيحة السياسية المتفاقمة، ويظهر عدة عوامل تدعم هذا الاحتمال.


أول هذه العوامل هو التوقيت المدروس للحدث، في وقت تتزايد فيه التسريبات حول الشراكة القطرية- الإسرائيلية، ويبدو أن بن غفير اختار هذا التوقيت لتصعيد الأوضاع في القدس، وهو ما قد يساهم في إشغال الرأي العام العربي والإسلامي بقضية المسجد الأقصى، وتحويل التركيز الإعلامي بعيدًا عن الفضيحة التي أظهرت تورطًا سياسيًا وماليًا قطريا وإسرائيليا.


من جهة أخرى، تدرك إسرائيل جيدًا أن أي اقتحام للأقصى سيثير ردود فعل غاضبة فلسطينيًا وعربيًا، ما يضمن تغطية إعلامية واسعة لهذه التطورات، ويحول النقاش العام إلى قضية أكثر حساسية عند الشعوب الإسلامية، وهذا من شأنه أن يخفف من التركيز على تداعيات فضيحة «قطر غيت» المتعلقة بالأموال القطرية وتوظيفها في مشاريع مشتركة مع إسرائيل.
أما على المستوى الداخلي الإسرائيلي، فقد يكون هذا الاقتحام جزءًا من محاولة لتعزيز أجندة اليمين المتطرف في إسرائيل. ففي وقت يسلط فيه «قطر غيت» الضوء على شبكات التأثير الإقليمية التي قد تتداخل مع مصالح إسرائيل، استغل بن غفير، أحد أبرز الشخصيات المتطرفة في الحكومة، متجاهلًا النقاش الدائر حول الفضيحة، ومن ثم يبدو منطقيًا الربط بين اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى و«قطر غيت»، خاصة في ظل النهج المعروف لإسرائيل في إثارة الأزمات الأمنية والسياسية لصرف الأنظار عن القضايا الحساسة.


الاستفزاز والتصعيد


يُعد المسجد الأقصى أحد أكثر القضايا حساسية في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ يعتبره الفلسطينيون خطًا أحمر لا يمكن المساس به، في حين تسعى الجماعات اليهودية المتطرفة إلى تكريس اقتحاماته، ويخشى المراقبون من أن استمرار هذه الاقتحامات قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة جديدة.
يؤكد اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، اليوم، أن حكومة الاحتلال تواصل التصعيد، ضاربة بعرض الحائط التحذيرات الفلسطينية والدولية. ومع استمرار هذه الاستفزازات، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة الاحتلال على تحمل تبعات استفزاز أكثر من مليار مسلم حول العالم، في ظل أجواء إقليمية محتقنة تنذر بانفجار محتمل في أي لحظة.
هذا الاقتحام ليس مجرد عمل فردي، بل يأتي ضمن خطة أوسع تسعى لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، مما قد يؤدي إلى تصعيد واسع النطاق، سواء على المستوى الفلسطيني أو الإقليمي.

تابع مواقعنا