الراعي والبلطجي
أصبح الموت بلا معني، ولم يعد للبكاء طعم، أصبحت الجنازات يومية، والمقابر جماعية، فالضحايا يتساقطون يوميا، والجرحى يتألمون، والأحياء يعانون، الجميع ينتظر النجدة، لا بل ضاق ذرعا بالانتظار. فالجميع خلف الكواليس يشاهد الموت والدمار. يشاهد طوابير الجوعي، والمنكوبين، وأكوام من تراب كانت يوما منازل مليئة بالحياة، هدموا المساجد والكنائس، دمروا المستشفيات والشوارع، وكأنهم أقسموا آن لا يتركوا حجرا على حجر، وما زال الجميع يشاهد، وتمر المشاهد أمام أعينهم بلا ضجيج، فقد تكررت مشاهد الموت، والصراخ، والبكاء، والعويل عليهم مئات المرات، وكأنهم تعودوا عليها، فقد أصبحت مشاهد الموت عادة يومية، وأصبحت أرواح البشر مجرد أرقام.
عناوين الأخبار كل يوم تكتب اليوم تم قصف كذا وكذا، وأسفر القصف عن استشهاد العشرات بل والمئات ويمر الخبر ويأتي بعده خبر عاجل من يشجب ويدين الجرائم الصهيونية.
ما زال البعض يدين ويشجب، والبعض يطالب بضبط النفس والعودة إلى الحوار والتفاوض، والبعض يريد أن تتحول غزة إلى جحيم، فماذا تنتظرون؟
المجتمع الدولي وقد أثبت عجزه، وقله حيلته ان يوقف كل هذا العبث.
المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية، لم تحترم يوما إسرائيل قرارتها طالما الراعي الرسمي (الولايات المتحدة الأمريكية) يفرض سلطانه لحمايتها.
الجامعة العربية والعرب والمسلمون ما زالوا يعيشون مرحلة الشجب والإدانة، اليوم شجب الجميع انتهاك بن غفير(وزير الأمن الإسرائيلي) الحرم المقدسي ولم تكن المرة الأولى له بل تم اقتحام مقدساتنا الإسلامية في انتهاك صارخ لكل الأعراف عده مرات، فهل توقفت إسرائيل بعد كل اعتراضاتنا.
ما زالت مصر وحدها في المواجهة، تحمل على أكتافها القضية، وفي موقف شجاع رفضت الامتثال للشيطان وصرخت وقالت: لا للتهجير، لا لتصفية القضية الفلسطينية، مازلت تجاهد وحدها، تتحمل كل الضغوط وهي صامدة، وتسعي لإقامة الدولة الفلسطينية علي حدود ما قبل 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وسيكتب التاريخ بحروف من نور ما قدمته وما تقدمه لنصرة القضية الفلسطينية من دعم دائم، وتصدي بكل شجاعة أمام مخطط التهجير، بل وأعلنت خطتها لإعادة الإعمار، وتقود ملف التفاوض بكل اقتدار.
لسنا نخاف الحرب، ولكننا دعاة سلام.
نطرق كل الأبواب الشرعية، لوقف هذا التصعيد غير المبرر، ووقف تلك الهمجية والبربرية، التي يمارسها العدو الصهيوني.
لكن للأسف الراعي الرسمي سمح لبلطجي منطقة الشرق الأوسط أن يعبث بكل المنطقة، يضرب في سوريا ولبنان وفلسطين واليمن، وتنتشر قواعده العسكرية في المنطقة العربية، وعلى أراضٍ عربية، لتضرب أيضا دولًا عربية.
الجميع خذل فلسطين، المجتمع الدولي، المجتمع العربي، المجتمع الإسلامي، القاصي والداني خذل القضية، ووقف أمام ضعفه وعجزه كصنم منحوت في جبل من رمال، يخشى رياح الخوف أن تهدم معبده، وتزيح سلطانه.
قالوا همسا وعلانية حماس مخطئة، فاقتلوا حماس ومن يعاون حماس، ومن يجاهد مع حماس، ادفنوها حية فقد ارتكبت مجازر ضد الأبرياء من الصهاينة.
ما زالت مشاهد مقتل الدرة أمام عيني، وآلاف مثل الدرة قتلوا فأين كنتم؟
من أعطاهم الحق أن يقتلوا ويدمروا ويحرقوا، ليس لأنهم أقوياء، بل لأننا ضعفاء، عاجزون.
قبل حربنا في أكتوبر سعى الرئيس السادات إلى كل طرق السلام، طرق كل الأبواب لتعود أرضنا المسلوبة بالحوار، لكن العدو المتغطرس ومعه راعيه الدائم تعجرفوا، وشاهد في أعينهم الغرور وهم يقولون من أنتم؟
ودخلنا معركتنا ونحن أقوياء بالحق، أقوياء بعزيمتنا وقدرتنا على المواجهة، كسرنا غرورهم وحطمنا كبريائهم، وعادت الأرض إلى أصحابها.
بل ذهب السادات إلى الكنيست الإسرائيلي ليلقنهم درسا آخر، فمن لم يحترم مصر فليستعد للعقاب.
علي المجتمع الدولي أن يضع حدًّا للاستفزازات والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ضد المقدسات الإسلامية، وضد عدم سماحها بدخول المساعدات الإنسانية، وفرضها حصارًا ضد سكان قطاع غزة، وتدهور الأوضاع الإنسانية، فمن لم يمت بالرصاص يموت جوعا ومرضا.
يجب الضغط لوقف القتال بشكل كامل ونهائي، فالعدو أعلن عن تقسيم قطاع غزة، وتوسيع عملياته العسكرية به، وفي الضفة الغربية يواصل حملة من الاعتقالات وهدم المنازل وفرض التهجير القسري على سكان الضفة.
أعلم أن ما اطلبه مستحيل، فخيوط اللعبة كلها كما قال السادات سابقا في أيدي الولايات المتحدة الأمريكية، راعي بلطجي المنطقة، ولن تقف تلك الحرب، وتلك الصرعات في المنطقة إلا بكلمة من الراعي.
ولكن البلطجي ما زال يمارس استهدافه في الداخل السوري، ومحاولاته احتلال جنوب لبنان، ويمارس حصار القطاع، واستفزاز مصر، وجر المنطقة بأكملها إلى صراع سيحترق فيه الجميع.
ويبقى السؤال هل لو أعادت حماس باقي أسرى إسرائيل فهل يتعهد نيتنياهو بوقف الحرب كما أعلن؟
هل يتدخل ترامب بوقف الحرب بعد عودة الأسرى؟
هل ينجح الوسطاء في إقناع حماس بعودة الأسرى، وترك الحكم في القطاع لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
هل يتحول حلم حل الدولتين إلى حقيقة. أم سيظل مجرد حلم بعيد المنال؟
هل يتحلى العالم ومنظماته وقادته بالإنسانية، ويعترفون بالدولة الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره؟
هل تنتهي حالة الانقسام الفلسطيني وتتوحد كافة الفصائل تحت مظلة واحدة (الدولة الفلسطينية)؟
الإجابة مع حماس ونجاح الوسطاء في إقناعها بعد أن فقدت حماس كل الأوراق.