مرصد الأزهر: فكرة تكفير المجتمعات انتشرت بسبب تنظيم داعش

قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إنه منذ ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي، اتخذ التكفير منهجًا ثابتًا في أيديولوجيته، حيث وجه جهده إلى تكفير الدول والمجتمعات الإسلامية، متذرعًا بشبهات تأويلية مغلوطة للنصوص الشرعية من القرآن والسنة والقياس الشرعي.
مرصد الأزهر: فكرة تكفير المجتمعات انتشرت بسبب تنظيم داعش
وأوضح المرصد في بيان: وقد تصدى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف لهذا الفكر عبر تفنيده عقليًّا ونقليًّا، وبيان مخالفته لأصول الإسلام ومقاصده الكبرى، متابعًا: وفي المقال الافتتاحي من عدد الخميس الماضي الموافق 6 من مارس 2025م، من صحيفة النبأ الداعشية، والذي جاء بعنوان: "سبيل العزة"، يدلف التنظيم من فكرة العزة والاعتزاز بالإيمان وفكرة التوحيد، إلى فكرة تكفير المجتمعات ورميها بالنفاق والفسق والكفر وغير ذلك.
وأضاف: وهي فكرة تعدى فيها التنظيم حدود الشرع والعقل جملة وتفصيلًا. فيقول: "ولا يتصور عاقل البتة أنْ يبتغي المرء العزة بعيدًا عن جناب الله تعالى، مفارقًا عتبة العبودية له؛ منطرحًا على عتبات الطواغيت طوّافًا على محافلهم وقصورهم كما يفعل اليوم كثير من الهيئات والأحزاب المرتدة! اللاهثة خلف سراب المكاسب وفتات المناصب تحت أجنحة "النظام الدولي" الكافر!" ويهدف هذا المقال إلى تقديم قراءة تحليلية للأفكار المطروحة في افتتاحيته العدد المشار إليه.
مرصد الأزهر محذرًا: فكرة تكفير المجتمعات انتشرت بسبب تنظيم داعش
وأكمل: أولًا: الأسس العقلية لدحض فكرة التكفير الداعشي للمجتمعات مناقضة مبدأ التكفير للعقل والمنطق إن الحكم بالكفر على المجتمعات جملةً يتناقض مع الفطرة السليمة والعقل المستقيم؛ إذ كيف يُعقل أن تجتمع الأمة على الباطل، والله عز وجل قد وعد بحفظ هذا الدين؟ إن تكفير المجتمعات يؤدي إلى فوضى دينية واجتماعية، ويفتح الباب أمام الفساد والاقتتال، وهو الأمر الذي يناقض مقصد الشريعة في حفظ النفس والعقل والدين.
وتابع: ثانيًا: الأدلة النقلية على بطلان التكفير المطلق للمجتمعات والدول نصوص القرآن الكريم في النهي عن التكفير القرآن الكريم يحذر من التسرع في التكفير، ويؤكد أن الأصل في المسلم هو الإيمان، وليس الكفر. يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: 94]. فكيف يرى "داعش" تكفير مجتمعات كاملة ودول دون تثبّت، بينما نهى القرآن حتى عن تكفير شخص واحد ادعى الإسلام؟ تحذير السنة النبوية من التكفير جاءت السنة النبوية بتحذيرات شديدة من إطلاق التكفير جزافًا.
وأضاف: ثالثًا: أثر فكر داعش التكفيري على الأمة الإسلامية تمزيق وحدة المسلمين أدى انتشار الفكر الداعشي إلى تشتيت الصف الإسلامي، وتحويل الجهاد من مواجهة الأعداء الحقيقيين إلى قتل المسلمين واستباحة دمائهم، فأضعف الأمة وأوقعها في مستنقع الفتن، ومزق وحدتها، وبث الفرقة في الرأي والقرار بين أبنائها. تشويه صورة الإسلام عالميًّا لا يخفى ما نتج عن هذه الأوضاع وتلك الأفكار من استغلال الإعلام الغربي جرائم داعش في نشر صورة مشوهة عن الإسلام، وشيطنة المسلمين أفرادًا ومجتمعات، ما عزز من موجات الإسلاموفوبيا والعنصرية المقيتة، وأدى إلى اضطهاد المسلمين في مختلف بقاع الأرض، وهو ما نراه واقعًا ملموسًا في كثير من الدول. إفساد عقول الشباب عبر دعايته المضللة، تمكن داعش من خداع بعض الشباب، واستقطابهم إلى صفوفه، مستغلًّا جهلهم بمفاهيم الدين الصحيحة، وانخداعهم بشعارات واهمة وكلمات رنانة، تداعب حماستهم، وتغازل ميولهم إلى البطولة والشهرة.
وأكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أنه يحمل على عاتقه التصدي لهذه الظاهرة؛ عبر نشر الوعي الديني الصحيح وتفنيد الأفكار المارقة من صحيح الدين تفنيدًا شاملًا، مستندًا إلى الأدلة العقلية والنقلية، كاشفًا زيّف ما يدعو إليه الفكر التكفيري الذي يتبناه داعش، مبينًا أنه يتناقض تمامًا مع مبادئ الإسلام السمحة، ويفتقر إلى أي مستند شرعي صحيح، مشددًا أنه من الواجب على المسلمين، وخاصة العلماء والدعاة، أن يواجهوا هذا الفكر الهدَّام بنشر الوعي، وتصحيح المفاهيم، وتعزيز الوحدة الإسلامية، والدعوة إلى العلم وإعمال العقل، حتى لا يقع شباب الأمة في شراك هذا التنظيم المنحرف، فيكون سقوطه من حيث أراد الاستقامة والهداية.