فوقية حارسة المقابر.. أسرار مخيفة من عالم الموتى

لم تكن تتخيل يومًا أن حياتها ستبدأ وسط الموتى، لكن القدر رسم لها طريقًا لم يخطر ببالها في سن الثانية عشرة، وبينما كان أطفال الحي يلهون في الشوارع، كانت فوقية تحفر القبور وتدفن جثثًا مجهولة، بعد أن ورثت مهنة والدها الذي رحل بمرض السرطان.
لم يكن لديها خيار، فقد وجدت نفسها المسؤولة الوحيدة عن إعالة أشقائها، لكن ما لم تدركه وقتها، أن عالم الأموات سيبتلعها إلى الأبد.
رحلة في عالم الموتى
لم تكن المقابر مجرد مكان للعمل، بل أصبحت حياتها، روتينها اليومي مليئًا بالمشاهد التي لا يتحملها بشر، تقول فوقية: دفنت ضحايا قتل بشع، وأشخاصًا نُفذ فيهم حكم الإعدام، وحتى موتى ظلوا لأشهر في ثلاجات المستشفيات دون أن يسأل عنهم أحد.
في البداية، كانت ترتجف عند رؤية الجثث المتفحمة، والأطراف المبتورة، والعيون التي جمدها الرعب الأخير، لكنها مع مرور الوقت، بدأت تشعر بشيء غريب.. الأموات لم يعودوا يخيفونها. على العكس، صاروا أقرب إليها من الأحياء: بقيت بحب أفضفض معاهم، حسيت إنهم بيسمعوني أكتر من الناس.
أرواح تهمس في الظلام
لكن لم يكن كل شيء طبيعيًا.. فهناك ليالٍ، كانت تشعر بوجود من يراقبها وهي تحفر القبر، تسمع أنفاسًا خلفها، وتلمح ظلالًا تتحرك عند أطراف المقبرة.
وفي إحدى الليالي، وبينما كانت تدفن جثة مجهولة، سمعت صوتًا خافتًا يهمس باسمها، فالتفتت بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد! كانت وحدها.. أو هكذا ظنت.
لم تكن هذه المرة الأخيرة، فمع كل جثة تدفنها، كان هناك شعور يتملكها بأن هذه الأجساد لم تفارق الحياة بالكامل، وكأنها تنتظر من يسمع قصتها الأخيرة قبل أن تُطع تحت التراب.
الأموات لا يخذلون أحدًا
رغم كل شيء، لم تفكر فوقية يومًا في ترك المهنة، إذ تقول بصوت ثابت: الأموات أحنّ من الأحياء، مش هيأذوني ولا هيخونوني، لكن أكثر ما يحطم قلبها، هو رؤية الجثث التي تُدفن دون وداع، دون دمعة تُسكب عليها أو شخص يذكر اسمها.
أما اليوم، وبعد سنوات في هذا العالم، لم تعد تجد راحة إلا بينهم.. حتى أنها توقفت عن الاختلاط بالأحياء، فقد وجدت من يسمعها أخيرًا، من يصغي دون أن يرد، وفي ليالي المقابر الطويلة، عندما يخيم الصمت على المدينة، تهمس للأرواح التي دفنتها: أنا هنا.. مستنياكم تحكولي الحكايات اللي محدش سمعها.