زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
كل عام وحضراتكم جميعا بخير بمناسبة شهر رمضان الكريم.. وكعادتي كل عام لا أقرأ في الشهر الفضيل سوى القرآن الكريم وكتب السيرة، وأود أن نتذكر معًا بعض المواقف النبوية من السيرة العطرة، والسير الشخصية لأصحاب وصحابيات تربين في مدرسة رسول الله، والدور البارز لهم في نصرة الإسلام ورفع شأنه، والأثر الطيب بمواقفهم الخالدة.
ونلتقي اليوم بالسيدة زينب ابنة رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم.
ولدت زينب في مكة قبل البعثة، وهي كبرى بنات رسولنا الكريم وسيدتنا خديخة بنت خويلد أم المؤمنين.
تزوجت أبو العاص بن الربيع، ابن خالتها هالة بنت خويلد، قبل بعثة النبي.
وعندما نزل الوحي على رسول الله آمنت بدعوته وصدقت نبوته، وظل أبو العاص على الشرك، وحرضه أهله وأقاربه وصناديد الكفر من قريش على تطليقها، وأن يزوجوه خيرا منها من بنات قريش، لكنه رفض وتمسك بها.
وعاتبها أبو العاص على ترك دينه، فقالت له: ما كنت لأكذب أبي وإنه والله لكما عرفت الصادق الأمين.
وكان أبو العاص يخشي قومه أن يقولوا عنه: فارقت دين آبائك إرضاء لزوجتك وحميك.
ورغم محاولات زينب استمالته إلى دين الحق، وأن يكون من السابقين الي الإسلام ظل أبو العاص على الكفر.
ولم يستطع وقتها الرسول أن يغضب ابنته وظلت مع زوجها وهو على شركه حتى أمر الله رسوله بالهجرة.
ومكثت زينب بمكة مع ابنها علي وابنتها أمامة والعباس بن عبد المطلب تكابد فراق والدها وأخواتها.
شارك أبو العاص مع المشركين في غزوة بدر، وتم أسره، فبعثت مكة تفدي أسراها، وكان أخوه عمرو بن الربيع من جاء لتقديم الفداء، فقد أعطته زينب قلادة أهدتها لها والدتها السيدة خديجة عند زواجها ليقدمها عمرو فداء لزوجها.
فلما رأى رسول الله القلادة عرفها فرق قلبه لخديجة وترحم عليها وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا لها متاعها فعلتم.
ففعلوا وطلب من أبو العاص أن يخلي سبيل ابنته، لأن الإسلام قد فرق بينهما، ففعل ابن الربيع امتثالا لأمر الرسول الكريم.
وعاد أبو العاص إلى مكة وطلب من زوجته زينب أن تلحق برسول الله، وأن زيد بن حارثة ومعه أحد الأنصار في انتظارها عند بطن يأجج، ليعودوا بها إلى أبيها، وجهز لها كنانة أخ زوجها البعير والمتاع وخرج نهارا يقود هودجها، فعلمت قريش ولحق نفر منهم، لملاقاتهم ودارت بعض المناوشات أدت إلى وقوع هودجها علي صخرة وكانت حاملا، وأسقطت حملها، ولم تهدأ الأمور إلى بعد وصول أبو سفيان وامر كنانه ان يعود بها علي ان يخرج بها ليلا وليس علي رؤوس اهل قريش المهزومين في بدر ونيران الثأر تغلي في عروقهم ففعلت كنانة وسلمها إلى زيد بعد بضع ليالٍ.
أسر أبو العاص مرة أخرى، عندما خرج في عير من قريش إلى الشام، فعلم رسول الله وبعث زيد بن حارثة على رأس سرية من المسلمين فتعرضوا للقافلة، وتم الاستيلاء عليها وأسر من فيها واقتيدوا إلى المدينة، فاستجار أبو العاص بزوجته زينب فأجارته، ونادت بأعلى صوتها: إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع واستجابوا إلى طلبها.
وقد طلبت زينب من الرسول الكريم أن يرد الي أبا العاص ما أخذ منه، وطلب منها نبينا عليه رضوان الله ان لا يقربها لان الإسلام فرق بينهما.
قد كان لها ما ارادت، وعاد أبوالعاص الي مكة ورد الأمانات الي أهلها، وعاد إلى المدينة مسلما، ورد عليه رسول الله زوجته بعقدها الأول.
وتوفيت السيدة زينب بعد عام من عودة زوجها اليها بعد إسلامه، وقد نزل الرسول قبرها وهو في حالة من الحزن، ولما خرج جلس على شفير قبرها قال: كنت ذكرت زينب وضعفها فسألت الله تعالى أن يخفف عنها ضيق القبر وغمه، ففعل وهون عليها.
وقد مات عليا ابنهما صغيرا، وتزوجت ابنتها أمامة علي بن أبي طالب بعد وفاة خالتها فاطمة الزهراء، وتزوجت بعد علي المغيرة بن الحارث بن عبد المنطلب حتى توفيت.
