تعليق سخيف مخيف

من 5 سنين وفي واحد من أيام شهر رمضان كتبت بوست على حسابي الشخصي على فيسبوك.. بوست إنساني لا كان ولا عمره هيكون بوست خلافي ممكن يختلف عليه حد لإنه بيتكلم عن مسألة أساسية في العلاقات بين أى اتنين بيحترموا وبيحبوا بعض.. لكن ورغم وكده ومع سنين الخبرة بقت عيني متعودة من وقت للتاني وحتى لو كان البوست حيادي تمامًا ومفيهوش أي نقط خلافية لازم أشوف تعليق أو اتنين في قمة السخافة وقلة الذوق أو حتى التعبير عن وجهة نظر عكس المكتوب في البوست بس للأسف صاحب التعليق بيكون مقرر إنه يعبر عنه بأبشع طريقة ممكنة، فبيطلع من صوابعه مش حروف لكن سخافة وقلة أدب.

في البوست اللي بتكلم عنه لقيت واحد عمل تعليق من نوعية التعليقات اللي قولت عليها دي!.. تعليق فيه هجوم على المكتوب وعلى شخصي وحاجة آخر سخافة.. في الطبيعي بتعامل مع التعليقات دي بإني بكتفي بحذف التعليق ثم حذف الشخص نفسه من قائمة الأصدقاء لو كان من ضمنها أو البلوك لو ماكنش.. بس شيء لا إرادي خلاّني مصمم أدخل على بروفايل الشخص ده بالذات قبل ما آخد أى إجراء ضده.. يمكن هيئته اللي في صورة بروفايله وبتقول إنه ابن ناس ومتربي.. يمكن كنت عايز ألاقي بوست عنده كاتب فيه كلام سخيف برضه زي تعليقه فهبقى فهمت إن دي طبيعته وبالتالي ضميري ميأنبنيش لإن كلامه عندي كان طبع مش استثناء.

 يمكن عشان أركز أكتر على ملامحه في صورته وأفند نظراته وأفحص وضعية تصويره عشان أتلكك وأطلع منها دليل يثبت عنفه اللي بان في كلامه!.. الحقيقة مش عارف بس كإني كنت داخل عنده لغرض أنا نفسي مش فاهمه.. دخلت على حسابه بالفعل ولقيت آخر بوست عنده فيه وداع لزوجته اللي كانت اتوفت من أقل من شهرين!.. كان كاتب لها كلام بيوجع من نوعية سيبتينا بدون ما تقوليلنا هنعمل إيه من بعدك.. بوست تاني بعد الأولاني كاتب لها كإنها قدّامه وبيكلمها إنه لسه مش قادر يتجاوز مرحلة غيابها.. بوست تالت أخير موجه ليها برضه بيقول فيه إنه بدأ ينزل الشغل بس لسه مش قادر يتفاعل مع  فكرة إنها مابقتش هنا!.. بصراحة ومع كل حرف هو كاتبه كانت إيدي بتترعش واتولد جوايا شعور إني عايز أطبطب على الراجل ده وراح من جوايا في ثانية كل الضيق اللي كان جوايا من ناحيته.. لقيت نفسي بتصل بصديقي وطبيبي النفسي د."أحمد كمال" عشان أحكيله على الموقف وآخد رأيه!

اتصلت بيه رغم إني ماكنتش واخد بالي من فرق التوقيت اللي كان عنده وقتها الساعة 2 الضهر وده ميعاد غالبًا مش بيكون فاضي فيه.. يا إما سايق يا إما بيدي محاضرة في الجامعة.. ماردش.. اتصلت مرة تانية وده تصرف عكس شخصيتي اللي بتكتفي بمكالمة واحدة وبس مهما كان الظرف طارئ على اعتبار إن اللي هيشوف المكالمتين أكيد هيشوف المكالمة.. بس واضح إن المكالمة التانية عملت علامة استفهام عنده فلقيته بعدها بثواني بيكلمني بصوت مخضوض.. عرفت منه إنه كان سايق بالفعل بس ركن على جنب عشان فهم إن فيه أمر مهم.. اعتذرتله وحكيت له الموقف فكان رده السريع عليا: الراجل ده مسكين، ده مكتئب ومحتاج علاج.. سألته: متأكد!.. السؤال كان غبي بصراحة خصوصًا لما يكون متوجه لواحد في خبرة وعلم د."أحمد" اللي خلّوه واحد من أهم أطباء علم النفس في الولاية الأمريكية اللي تم إنتدابه فيها.. الحقيقة هو ضحك واستقبل سؤالي بهزار وأكد المعلومة وقال: طبعًا ده شيء واضح زي عين الشمس.. سألته: طب والحل؟.. لازم تنصحه يروح لطبيب ويتابع معاه.. سكتت لإن مفيش طريقة تواصل بيني وبينه.. سألني د."أحمد": أنت قلقان إنه مايتقبلش منك النصيحة؟.. قولتله بسرعة وأنا بضحك: أيوا طبعًا ده واحد لسه شاتمني من شوية هدخل أقول له روح لطبيب نفسي!.. قال د."أحمد" بثقة: لأ ماتقلقش لإنه غالبًا مش هيكون فاكر إنه شتمك، ولا فاكر هو كتب إيه أساسًا.. سألته: بجد؟.. رد: أكيد، هو جواه طاقة حزن ضخمة وبينفس عن اللي جواه بكلام هجومي ضد ناس يعرفها أو مايعرفهاش بدون وعي، كإنه عايز يقول إلحقوني من فضلكم وشيلوا عني، خصوصًا كمان لما يكون باين من ملامحه وشكله إنه ابن ناس ومتربي زى ما بتقول.

 كلام د."أحمد" حمسني وبالفعل قررت إني الراجل ده لازم يتابع مع دكتور ورغم صعوبة الأمر برضه بسبب عدم معرفتي الشخصية بيه، لكن بعد أسبوع بالظبط وعن طريق كذا واحد من ولاد الحلال اللي استعنت بيهم من قرايبه اللي كانوا واضحين في التعليقات، وبعد تخطيط مش بسيط -هييجي يوم وهبقى أحكيه بالتفصيل بإذن الله- كان صاحبنا بالفعل في زيارته الأولى للطبيب النفسي بتاعه اللي كان له دور بعد ربنا سبحانه وتعالى إنه يخرجه من حالته بعد كذا شهر.. الراجل تجاوز حزنه أو على وجه الدقة قاومه، وأنا اتعلمت درس عمري ما هنساه.

كل واحد فيه اللي مكفيه، ولو كل إنسان دخل جوا قلب التاني وشاف اللي هو شايله من هموم وضغوط هيقعد عمره كله يطبطب عليه.. أغلبنا مكتئبين وكلنا ماشيين أعصابنا على شعرة.. شوفت شيء غير متوقع ضايقك من حد وكان تصرف عكس شخصيته اللي أنت عارفها أو مخمنها؟.. لو ينفع تتجاوز وتتجاهل تجاوز وتجاهل.. لو فيه فرصة تتكلم معاه وتهون عليه يبقى اعمل كده.. بس بلاش ترد الهجوم بهجوم والسوء بسوء وأنت مش فاهم.. قدرتنا النفسية عاملة زى سلك الكهربا.. بيختلف فى قوة تحمله من واحد للتاني.. سلك قوة تحمله كذا لو دخل له كهربا قدرتها أكبر من الكذا ده هيفرقع.. راعو نفسيتكم ونفسية غيركم.. فيه وحش اسمه الإكتئاب موجود تحت جلدنا كلنا ومنتظر الفرصة عشان يخرج ويبلعنا ويبلع اللي جنبنا.. ماتضغطش حد لأن محدش عارف مين عنده إيه.. رجل الأعمال والباحث ديفيد بيرنز بيقول: الاكتئاب أسوأ من الإصابة بالسرطان، مريض السرطان يحيطه كل من حوله بالمحبة؛ المكتئب لا.