خلال مأدبة غداء رسمية للرئيس السيسي.. ملك إسبانيا: مصر ليست مجرد بلد صديق بل لاعب محوري ونتطلع لزيارتها قريبًا

عقد الملك فيليب السادس، ملك إسبانيا، مأدبة غداء رسمية على شرف الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحضور الملكة ليتيزيا، ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، وكبار رجال الدولة في إسبانيا.
وخلال كلمته، أكد العاهل الإسباني عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس السيسي تُمثل دفعة حاسمة لتعزيز هذه الروابط، كما تُرسخ الشراكة الاستراتيجية بين مصر وإسبانيا.
ملك إسبانيا: مصر ركيزة أساسية في استقرار الشرق الأوسط وإفريقيا
وأشار الملك فيليب السادس إلى أن البلدين عملا طوال العقد الماضي لصالح السلام والاستقرار والأمن المشترك في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تمثل مهد الحضارات والتحديات المشتركة وفرص التعاون المتبادل.
وأعرب عن قناعته بأن هذه الزيارة لن تقتصر على تعزيز الشراكة بين البلدين فحسب، بل ستفتح فصلا جديدا في العلاقات الثنائية، يتيح المزيد من التعاون لما فيه مصلحة الشعبين.
وشدد العاهل الإسباني على الدور المحوري لمصر، مؤكدا أنها ليست مجرد بلد صديق، بل هي ركيزة أساسية في العملية الأورومتوسطية، ولاعب لا غنى عنه في القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط، التي تمر بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار والتوترات الجيوسياسية والصراعات الممتدة، وما ينتج عنها من تحديات إنسانية جسيمة.
وأوضح أن مصر تلعب دورا حاسما في استقرار المنطقة، حيث تسهم بفاعلية في الوساطة وتعزيز الحوار، وهو أمر أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث إن الحوار والتفاهم هما السبيل الأمثل لتحقيق الأمن والسلام. كما أكد على الدور المحوري الذي قامت به مصر في وقف إطلاق النار الأخير في غزة، والذي يشكل فرصة بالغة الأهمية يجب تعزيزها، مؤكدًا أن إسبانيا تعمل أيضًا على الأرض لضمان استمرار وقف إطلاق النار والتوصل إلى حلول نهائية لإنهاء الأعمال العدائية، حيث يدعم الحرس المدني الإسباني السلطة الفلسطينية في معبر رفح، معربًا عن التزام بلاده ببذل أقصى الجهود لتعزيز إعادة الإعمار واستعادة الأمن والخدمات الأساسية في غزة.
وأكد الملك فيليب السادس أن إسبانيا ومصر تدعمان حل الدولتين، وتحافظان على التزام تاريخي تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط، مستذكرًا مؤتمر مدريد للسلام الذي انعقد عام 1991، مشيرا إلى أن تلك الفترة كانت مليئة بالأمل، وهو ما يجب استعادته اليوم. كما أشاد بالتنسيق الإنساني بين البلدين لمساعدة أهالي غزة، من خلال علاج وإجلاء الجرحى، واستمرار الدعم لوكالة "الأونروا" لضمان تقديم المساعدات الضرورية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة والمنطقة.
كما تطرق العاهل الإسباني إلى التعاون المشترك بين البلدين في قضايا إقليمية أخرى، مثل لبنان، العراق، سوريا، اليمن، السودان، وحوض البحر الأبيض المتوسط، مؤكدًا أن مواجهة التحديات الإقليمية لا يمكن أن تتم إلا من خلال التعاون متعدد الأطراف، معتبرًا أن تعددية الأطراف تمثل السبيل الوحيد لإرساء نظام عالمي قائم على التعاون، الحوار، والاحترام المتبادل.
وفي سياق حديثه عن العلاقات الثقافية، أشار الملك فيليب السادس إلى أن اهتمام إسبانيا بمصر يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، مستشهدًا بالدبلوماسي وعالم الآثار إدواردو تودا إي جويل، الذي وصف مصر بأنها بلد فريد يمتزج فيه الحاضر بالماضي، مشيدا بدور المتحف المصري الكبير في الحفاظ على التراث الثقافي المصري، مؤكدًا أن إسبانيا تفخر بالمشاركة في بنائه.
وأكد أن مصر ستظل بلدا ذا أولوية بالنسبة للتعاون الإسباني خلال السنوات القادمة، مشيرًا إلى ضرورة تعميق العلاقات في مجالات مثل خلق فرص العمل، تغير المناخ، إدارة الموارد المائية، والهجرة، بما يسهم في تحقيق التنمية والازدهار المشترك.
وأعرب العاهل الإسباني عن تطلعه لزيارة مصر قريبًاابصحبة الملكة ليتيزيا، للاحتفال بالآفاق الواعدة التي تلوح في أفق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مشيرا إلى أن العمل جارٍ على تحديد موعد الزيارة، التي ستمثل فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية.
واختتم الملك فيليب السادس كلمته بتوجيه الشكر للرئيس السيسي، مؤكدا أن زيارة الرئيس المصري إلى إسبانيا تعزز مستوى الشراكة الاستراتيجية، التي تمثل خطوة نوعية في العلاقات الثنائية، خاصة في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي عززت الاستثمارات الإسبانية في مصر في مجالات مثل البنية التحتية، النقل، البيئة، المياه، والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التعاون في قطاع الدفاع.
كما لفت إلى الدور المهم للسياحة في تعزيز الروابط بين البلدين، حيث يستمر تدفق السياح في الاتجاهين، مما يعكس الاهتمام المتبادل بالثقافة والتاريخ. كما سلط الضوء على انتشار اللغة الإسبانية في مصر، مشيدا بدور معهد "ثيربانتس" والجامعات المصرية في الترويج للغة الإسبانية.
وأعرب عن فخر بلاده بوجود 12 بعثة أثرية إسبانية تعمل في مصر منذ عام 1966، حيث إن هذا التعاون يعكس الروابط العميقة بين البلدين في مجال البحث العلمي وحماية التراث.
واختتم العاهل الإسباني كلمته بالإشارة إلى تصريحات رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجيو ماتاريلا، الذي أكد أن السلام ليس هبة من التاريخ، بل يجب العمل من أجله، مشددًا على ضرورة التحرك للحفاظ على النظام الدولي القائم على المبادئ والقيم والحقوق المكتسبة للشعوب.
وفي ختام مأدبة الغداء، رفع الملك فيليب السادس نخب الصداقة بين إسبانيا ومصر، متطلعًا إلى مزيد من التعاون في المستقبل، وتعزيز العلاقات بين الشعبين.



