لماذا قبل آلاف الموظفين الفيدراليين الأمريكيين عرض ترامب مقابل الاستقالة؟

مع تسارع جهود إدارة دونالد ترامب لتقليص حجم القوى العاملة الفيدرالية، قرر عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين قبول عرض تعويض مالي مقابل الاستقالة، ووفقًا لمكتب إدارة شؤون الموظفين، فقد وافق نحو 75 ألف موظف فيدرالي على هذا العرض، بعضهم كان يستعد للتقاعد بالفعل، بينما دفع آخرون إلى اتخاذ القرار مخاوف من تسريحات جماعية أو فرض العودة الإلزامية إلى المكاتب.
ورغم أن ترامب وصف الجهاز الإداري الفيدرالي بأنه متضخم وغير فعال، إلا أن العديد من الموظفين الذين قبلوا العرض عبروا عن فخرهم بعملهم الحكومي وإحساسهم العميق بالمسؤولية تجاه الشعب الأمريكي، وبحسب تصريحاتهم لوكالة رويترز خلال الأيام الماضية، فإن القرار لم يكن سهلًا، بل فرضته ظروف متباينة.
قرارات شخصية في مواجهة سياسات حكومية
وبالنسبة للبعض، كان العرض فرصة لإنهاء حياتهم المهنية بشروط مناسبة، مثل كيرت فلويد، البالغ من العمر 62 عامًا من تكساس، والذي خدم في الحكومة لمدة 39 عامًا، بينها جولتان عسكريتان في أفغانستان، يقول فلويد: كنت أنوي التقاعد قريبًا على أي حال، فقلت لنفسي: لماذا لا أقبل العرض وأستمتع بإجازة قبل التقاعد؟.
أما جوردان سوليس، البالغ من العمر 27 عامًا من كاليفورنيا، فكان قراره مدفوعًا بإلغاء القسم الذي يعمل فيه بمصلحة الضرائب الأمريكية، حيث كان يراجع امتثال الشركات والأفراد لقوانين ضرائب الوقود: كنت أحب عملي، فقد كان يمنحني حرية كبيرة وجدولًا مرنًا، لكن عندما علمت بإلغاء القسم، أدركت أن قبولي للتعويض هو الخيار الأفضل.
ولفت التقرير الذي نشرته وكالة رويترز إلى أن سياسات العودة الإلزامية إلى العمل المكتبي كانت أيضًا دافعًا رئيسيًا وراء قرارات الاستقالة، كما هو الحال مع كين براون، 63 عامًا، الذي كان يسافر بانتظام من إنديانا إلى واشنطن للالتزام بمتطلبات العمل المكتبي، لكنه وجد أن الانتقال إلى خمسة أيام أسبوعيًا أمر غير ممكن: كنت مستعدًا لمواصلة عملي لبضع سنوات أخرى، لكن هذا الشرط كان تعجيزيًا.
والأمر ذاته واجهته جنيفر ميرسر، 46 عامًا، من ماريلاند، والتي تعمل على إدارة العقود في قاعدة بحرية. باعتبارها أمًّا عزباء لطفل في العاشرة من عمره، لم يكن بإمكانها الذهاب إلى المكتب يوميًا في ظل عدم قدرتها على إيصال طفلها إلى المدرسة في الوقت نفسه: كان قرارًا صعبًا للغاية، وبكيت كثيرًا قبل اتخاذه، لكنني لم أجد خيارًا آخر.
ولم يكن الجميع محظوظًا في الحصول على التعويض، كونستانتين كيرياكو، 37 عامًا، من فيرجينيا بيتش، قرر قبول العرض بعد أن فقدت زوجته وظيفتها في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لكن بحلول الوقت الذي أرسل فيه طلبه، كان البرنامج قد أُغلق، وعلق قائلًا: لقد فاتتني الفرصة، والآن لا أعرف ما الذي سيحدث.
في ذات السياق، نجد كيرياكو كان يعمل في وزارة الخارجية، وكان يسافر إلى واشنطن كل أسبوعين للالتزام بالحضور المكتبي، ومع إصرار الحكومة على العمل من المكتب بشكل يومي، أصبح مضطرًا لمواجهة خيارات صعبة، إما الاستقالة دون تعويض أو الانتقال إلى العاصمة وهو خيار مكلف للغاية يقول: لا أفقد مجرد وظيفة، بل أفقد مسيرتي المهنية بأكملها.
وبالنسبة لكثيرين، يمثل القبول بالتعويض بداية مرحلة جديدة غير واضحة المعالم، البعض يخطط للبحث عن وظائف جديدة في القطاعين الحكومي والخاص، بينما يفضل آخرون أخذ استراحة قبل اتخاذ قرارهم التالي، وفي المقابل، يشعر آخرون بالقلق من أن يكونوا قد أجبروا على ترك وظائفهم تحت ضغوط سياسية واقتصادية.
ومع استمرار إدارة ترامب في تنفيذ خططها لخفض التكاليف الحكومية وتقليص عدد الموظفين، يظل مستقبل الوظائف الفيدرالية في الولايات المتحدة موضع جدل واسع، وسط مخاوف من تأثير هذه السياسات على كفاءة الخدمات الحكومية واستقرار القوى العاملة الفيدرالية.