أكاذيب ترامب والتحديات العربية
تطورات متلاحقة تشهدها المنطقة العربية، بعد أن تنفست الصعداء بعد وقف إطلاق النار في غزة، التى تحولت إلى ركام بعد حرب إبادة شاملة جاءت علي الأخضر واليابس، يخرج علينا ترامب بتصريحات أكثر عنصرية من بن غفير وسموتريتش بتهجير سكان غزة الي مصر والأردن، لأنها منكوبة وغير صالحة للحياة، وان اعاده اعمارها سيستغرق سنوات، بل يرى أن إسرائيل قطعة صغيرة في حجم رأس القلم ولا ينبغي أن تكون هكذا.
وتصور ترامب أنه رجل سلام، وأنه يجب أن يحصل على جائزة نوبل للسلام الذى سيفرضه على المنطقة، وهو المخادع المنقلب على ثوابت السياسية الأمريكية نفسها التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان.
بل وصل بخيالاته إلى أن له الحق أن يستولي على غزة ذلك الشريط الساحلى الرائع الذى يحوله إلى ريفيرا صالحة للعيش، وذلك سيكون على حساب الشعب صاحب الأرض، ولم يذكر لنا كيف يفعل ذلك؟ فهل سيكمل إبادة الشعب الذى عاد الى العراء بجوار منازلهم المدمرة، ام سيهجرهم بالقوة الجبرية ويرتكب جريمة التطهير العرقي؟.
ولكن ما يجب أن نطرحه حتي لا نعيش نكبة اخري، ونصنع من ترهات ترامب وعد بلفور جديد، فقد تعود علي اطلاقه النار بتصريحاته غير المنضبطة، ثم يحاول مساعدوه إعادة صياغتها وهندستها، بل نروجها نحن العرب ونقيم المؤتمرات والندوات ونستضيف المحللين والساسة ليفندوا هذا الهراء الذي تعود ترامب ان يقذف به ليشغلنا ويشغل الإعلام ونحن نعرف انه عبث، وللأسف منا من يتخيل أنه مع الوقت صار واقعا.
فهل يستطيع ترامب ضم جرينلاند ؟ أو السيطرة علي قناة بنما؟ أو الدخول فى عداء مع دول الاتحاد الأوروبي كله والصين وروسيا؟ أم هل يستطيع ان يرسل قواته المارينز واسطولاته الحربية للاستيلاء واحتلال غزة؟ الإجابة بشكل قاطع: لا .
فمهما كانت الولايات المتحدة الأمريكية قوية، عليه ان يعرف كيف انتهت حرب فيتنام، وما انتهى الحال بهم في أفغانستان، وعليه فإن يقر أن إسرائيل انهزمت في حربها ضد غزة، وان مصر والأردن قال لا لتصريحات ترامب، كما قالت المكسيك وكولومبيا وكندا وبنما وغيرها من الدول قول لا واضحة وصريحة ضد غطرسته.
لكن ترامب الوقح المغرو يتصور أنه يمتلك العالم، ولا يستطيع احد من قادة العالم مخالفته. وعليه ان يعرف أننا لسنا موظفين في أحد شركاته، وان هناك شعب قابع بجذوره في عمق التاريخ في أرضه، ولن يستطيع أحد اجتثاث تلك الجذور مهما فعلوا.
وأن زمن التتار وهولاكو وجنكيز خان انتهي، وأن الفلسطينيين ليسوا سكان أمريكا الأصليين (الهنود الحمر)، ولن تسمح الدول العربية مهما كان ضعفها سياسيا واقتصاديا وتخاذلها بالشحب طوال الحرب بالسماح بتهجير سكان غزة، ولن يقبلوا بمخططات التهجير او التطهير العرقي أو استيلاء أمريكا علي المنطقة.
وعلى الأمة العربية والإسلامية الاصطفاف ودعم بعضهم البعض، وتكذيب ادعائه بان هناك دول مستعدة لاستقبال اهل غزة، وقد وضح ذلك جليا بالبيان القوي للملكة العربية السعودية والإمارات العربية ومن قبلهم كانت مصر والأردن رفضا بشكل قاطع كل تصريحات ترامب، وأن يتولوا إعادة الإعمار، فالقضية قضيتنا جميعا، ولن نفرط او نبيع أرضنا وندنس مقدساتنا، وان نعمل على حل الدولتين لإقرار السلام في المنطقة، مع كل الشركاء الإقليميين وقادة العالم، والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
فالتاريخ حافل بكثير من الحروب الدموية كالحرب العالمية الأولي والثانية، أو الحروب الاهلية الطاحنة لم تنتهي ابدا بتهجير شعب من أرضه انما أصحاب الأرض هم من عمروها وقرروا مصيرهم.
نحن لسنا في حاجة إلى وصاية من أحد، وقادرين علي حمل ذاك الرماد والركام بأيدينا لبناء دولتنا الفلسطينية مرة اخري، بعد ان خذلنا العالم ومنظماته الدولية والحقوقية والإنسانية، وتركوا العدو الصهيوني يعربد بلا أخلاق او إنسانية ليقتل شعب أعزل، وبدعم مطلق من الولايات المتحدة.
فلقد أثبت الشعب الفلسطيني جسارته وصلابته طوال حرب الإبادة، وخرج منتصرا برغم كل الدماء التي اريقت، وكان المشهد العظيم وقت ان عادوا الي انقاض بيوتهم، يهللون ويرقصون حول بيوتهم المحطمة وشوارعهم المدمرة ومدارسهم التي تحولت الي ركام، عادوا حين قرروا النصر او الشهادة، فالأرض لنا وسنظل صامدين مرابطين، فهذا شعب لا تستطيع ان تجتثه مهما فعلت وهددت.
والأجمل انهم لم ينزعجوا من تلك التصريحات، وخافوا عندما عادوا إلى بيوتهم من ان الهدنه قد لا تكتمل، او أن صفقة أسلحة المليار دولار التي ستقدمها أمريكا لإسرائيل ستأتي لتصيبهم مرة اخري، فهذا شعب عصي ان يترك ارضه دون الشهادة.
ولكل مروجي الشائعات عن الموقف المصري، أعيد عليكم ان المصريين قيادة وشعبا يرفضون التهجير بكل أشكاله، ومصر الحاضنة لأشقائها العرب لن تتخلي عن قضيتها المحورية والأساسية ولن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، وان أيد مصر ممدودة بالسلام القائم علي العدل لحماية حقوق الشعب الفلسطيني لكل حر نزيه.
ونحن كشعب علي استعداد ان نتحمل كل تبعيات تلك القرارات النبيلة، فلن نتخلى عن مبادئنا ولن نبيع أنفسنا وتاريخنا ونتخاذل عن نصرة فلسطين، ولو كتبت الحرب علينا سنكون كلنا مشروع شهداء قولا وفعلا.
فاجتمعوا كما تشاءون في البيت الأبيض، في الكنيست، مع ابليس والشياطين، وقولوا ما تشاءون، فلن نخاف ولا نتراجع وسنحمي زهرة المدائن.
وأعتقد أن العالم رأى ترامب العنصري المخبول عديم الثقافة، وعرف الولايات المتحدة الحقيقية التى تدعى الحرية وتؤمن بالسلام والمدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية هي من نسفت بكل مبادئ القانون الدولي والإنساني عرض الحائط، ولم تحترم قرارات اممية ولا قوانين ولا عهود ولا مواثيق ولا امتثلت للعدالة والحق وكانت عنصرية في كل مواقفها، وان ايديها ملوثة بالدماء بعد ان سقطت كل اقنعتهم.
فلسطين للفلسطينيين وعاش كفاح الشعب الأبي.