الأربعاء 12 فبراير 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أحمد المسلماني.. المهمة الشاقة لإعادة ماسبيرو إلى مجده

الثلاثاء 04/فبراير/2025 - 02:49 م

ماسبيرو ليس مجرد مبنى على ضفاف النيل، بل هو أحد أعمدة الإعلام المصري والعربي، وذاكرة الوطن التي ساهمت لعقود طويلة في تشكيل وعي الأجيال ونقل صورة مصر إلى العالم، فمنذ تأسيسه في الستينيات، كان التليفزيون المصري صوت الدولة والمجتمع ومنبرًا للحقيقة والتنوير، استطاع أن يواكب الأحداث الكبرى ويكون المرجع الأول للأخبار والمعلومات، وكان المدرسة الإعلامية التي تخرج منها كبار المذيعين والإعلاميين الذين تركوا بصمتهم في المشهد الإعلامي العربي، لكن مع تغيرات العصر ودخول الفضائيات الخاصة وانتشار الإعلام الرقمي، بدأ ماسبيرو يفقد مكانته تدريجيًا حتى أصبح بحاجة إلى مشروع إنقاذ حقيقي يعيده إلى الصدارة.

في ظل هذا المشهد، تأتي مهمة الكاتب والمفكر السياسي أحمد المسلماني، الذي يتحمل مسؤولية صعبة في إعادة هيكلة الإعلام الرسمي المصري وإنقاذ ماسبيرو من أزمته الممتدة، المسلماني ليس مجرد إعلامي، بل هو صاحب رؤية سياسية وفكرية واسعة، ويملك خبرة طويلة في مجال الإعلام تجعله قادرًا على التعامل مع هذا التحدي الكبير، لكنه يواجه مهمة شاقة تتطلب جهدًا غير عادي في ظل المشكلات المتراكمة التي يعاني منها المبنى العريق، سواء من ناحية البيروقراطية الإدارية، أو تراجع جودة المحتوى، أو التحديات الاقتصادية التي تعيق عملية التطوير.

يعتمد المسلماني على رؤية إصلاحية شاملة تستند إلى عدة محاور أساسية، أولها تحديث المحتوى الإعلامي ليصبح أكثر جذبًا للمشاهد المصري والعربي، فالتليفزيون الرسمي لا يمكن أن يستعيد مكانته إلا إذا قدم محتوىً متطورًا ومتنوعًا ينافس الفضائيات الكبرى؛ لذلك يضع المسلماني ضمن أولوياته إنتاج برامج إخبارية وتحليلية عميقة، وطرح قضايا الشأن العام بجرأة وموضوعية، إلى جانب التركيز على الأعمال الدرامية والوثائقية التي تبرز الهُوية المصرية وتعكس القيم الوطنية، كما يعمل على إعادة تقديم البرامج الثقافية والتعليمية بأسلوب عصري لجذب الأجيال الجديدة التي ابتعدت عن التليفزيون المصري واتجهت إلى المنصات الرقمية.

التحدي الآخر الذي يواجهه المسلماني هو تحديث البنية التحتية التكنولوجية، فلا يمكن للإعلام الرسمي أن ينهض دون أن يكون على قدم المساواة مع الإعلام الحديث من حيث تقنيات البث والإنتاج والتواصل الرقمي؛ لذلك يسعى المسلماني إلى تحويل ماسبيرو إلى منصة إعلامية متعددة الوسائط تستطيع الوصول إلى الجمهور عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات وفهم اهتمامات المشاهدين، مما يساعد على إنتاج محتوى يناسب احتياجات الجمهور ويواكب العصر الحديث.

إلى جانب ذلك، تأتي ضرورة إعادة هيكلة الكوادر البشرية داخل ماسبيرو، إذ يسعى المسلماني إلى تطوير مهارات العاملين وتدريبهم على أحدث تقنيات الإعلام، بحيث يكون لدى التليفزيون المصري فريق عمل محترف قادر على المنافسة بقوة في سوق الإعلام الحديث. كما يضع في اعتباره ضرورة إعادة توزيع الموارد البشرية بطريقة أكثر كفاءة، بحيث يتم استغلال الطاقات والخبرات الموجودة داخل المبنى بطريقة تضمن أعلى مستويات الإنتاجية، مع القضاء على الترهل الإداري الذي كان أحد أسباب تراجع الأداء خلال العقود الماضية.

لكن ربما يكون التحدي الأكبر الذي يواجه المسلماني هو إعادة بناء الثقة بين ماسبيرو والجمهور، فبعد سنوات من الخطاب التقليدي، أصبح المواطن يبحث عن إعلام أكثر تفاعلًا يعبر عن قضاياه بصدق وشفافية؛ ولذلك يسعى المسلماني إلى تعزيز الاستقلالية التحريرية داخل التليفزيون المصري، بحيث يتم تقديم محتوى يعكس نبض الشارع المصري ويناقش القضايا العامة بطريقة موضوعية وعميقة، مما يساعد على استعادة الجمهور الذي ابتعد عن الإعلام الرسمي بسبب افتقاده إلى المصداقية والتجديد.

إن استعادة ماسبيرو لدوره ليست مجرد عملية إدارية، بل هي مشروع وطني يستلزم إرادة حقيقية للإصلاح ودعمًا سياسيًا وإداريًا يضمن تنفيذ الخطط التطويرية بكفاءة، إن الإعلام الرسمي القوي هو جزء من قوة الدولة الناعمة، وأحد الأدوات الأساسية في تشكيل الوعي العام والدفاع عن القضايا الوطنية، وإذا كانت هناك رغبة حقيقية في إعادة ماسبيرو إلى مكانته، فإن النجاح لن يكون مستحيلًا، لكنه يتطلب عملًا جادًا ومنهجيًا يضع هذا الصرح الإعلامي العريق في المسار الصحيح من جديد، والمسلماني اليوم يقود واحدة من أصعب المهمات الإعلامية، وسط تحديات كبيرة، لكنه يدرك أن نجاح هذا المشروع لن يكون مجرد انتصار لماسبيرو، بل سيكون انتصارًا لمصر وإعلامها الوطني ومستقبلها الثقافي والإعلامي.

تابع مواقعنا