الإفتاء والسوشيال ميديا.. ندوة علمية بمعرض الكتاب تحذر من فوضى الفتاوى الرقمية
استضافتْ دارُ الإفتاء، اليوم الاثنين، ندوةً هامَّة في جناحها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب تحت عنوان "الفتوى والسوشيال ميديا.. الإفتاء في العصر الرَّقْمي: فقه التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي"، تحدَّث فيها الدكتور محمد أحمد سراج، أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكية، والدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، والحسن البخاري، الباحث الشرعي، وأدار اللقاء الدكتور محمد الورداني، مدير الإعلام بمجمع البحوث الإسلامية.
الإفتاء في العصر الرقْمي وفقه التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي
جاءت هذه الندوة في إطار سَعْي دار الإفتاء لمواكبة التطورات التكنولوجية ومواجهة التحديات التي تطرأ على الفتوى في عصر الإعلام الرقْمي.
وشهدت الندوةُ حضورَ عدد من العلماء والمختصين، الذين ناقشوا تأثير السوشيال ميديا على نشر الفتاوى، والتحديات التي تترتَّب على انتشار المعلومات غير الدقيقة، وسُبُل تصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تؤثِّر على الوعي الديني للمجتمع.
وفي مستهلِّ الندوة تحدَّث الدكتور محمد أحمد سراج، أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكية- عن أنَّ نجاح عملية الإفتاء يعتمد على استقلالية المفتي وعدم تأثُّره بالضغوط الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.
وأشار سراج إلى ضرورة الأمانة لدى المستفتي في عرض السؤال وتقديم التفاصيل الدقيقة لضمان فتوى دقيقة ومناسبة، كما انتقد الأسئلة المختزلة في بعض برامج الفتوى، مثل سؤال حول الميراث دون توضيح الظروف المحيطة.
وأكد الدكتور محمد أحمد سراج أنَّ الفتوى في القديم لا تختلف جوهريًّا عن الفتوى في العصر الحديث من حيث عَلاقةُ المفتي بالمستفتي، إلا أن التحديات أصبحت مضاعفة بفعل التأثيرات المتعددة.
وأوضح سراج أن نجاح عملية الإفتاء يعتمد على استقلالية المفتي وتمكُّنه من أدوات الإفتاء والتوقيع عن رب العالمين، مشددًا على ضرورة عدم تأثر المفتي بالضغوط الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، حتى لا يفقد حياده.
كما تحدَّث سراج عن أهمية حرية المستفتي في طرح الأسئلة وحرية التفكير، مشيرًا إلى أن وسائل التواصل الحديثة قد تؤثر سلبًا على حيادية المفتي إذا تأثر بالحداثة بشكل غير منضبط؛ مما يؤدي إلى مشكلات في الفتوى.
وأكَّد أن الفتوى تستند إلى النص والمصلحة، مشبهًا المفتي بـ"التقني" الذي يمتلك نماذج ترسم معالم الفتوى، إذ يتوجَّب عليه ضبط الفتوى وَفْقَ النصوص الشرعية، فإن لم تحقِّق الفتوى المصلحة دون تعارض مع النصوص، تكون هناك مشكلة فيها.
كما بيَّن أهميةَ الأمانة لدى المستفتي في عرض السؤال وتقديم التفاصيل الدقيقة حول موضوعه.
وشدد سراج على أن مهمة التجريد تقع على عاتق المفتي الذي قد يصبح أسيرًا للمستفتي إذا لم يحصل على التفاصيل الكافية للسؤال، مشيرًا إلى وجود خلل في بعض برامج الفتوى التي تقدم أسئلة مختزلة وخالية من التفاصيل.
وأوضح الدكتور سراج أن هذا الفهم من شأنه معالجة ما يُعرف بفوضى الفتوى، والتي قد يكون الحديث عنها مبالغًا فيه إذا وُجِّه الناس إلى إدراك أن الفتوى شأن فردي يتطلب معرفة دقيقة بالوقائع المحيطة بكل شخص، وهو أمر يجب أن يختص به المؤهلون وليس عامة الناس.
ومن جانبه تحدث الدكتور أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء عن فن صناعة الفتوى وفوضى الفتاوى، متسائلًا إن كانت المؤسسات الدينية قد قصرت في دَورها أم لا، وأوضح أن صناعة الفتوى كانت من العبارات التقليدية التراثية المتداولة على ألسنة العلماء، ومن يقرئها لأول مرة قد يعتقد أنها مهنة، لكنها في الواقع فنٌّ خاص يتطلَّب من الشخص معرفة الأحكام الشرعية وعلوم الفقه، فضلًا عن إدراك الواقع وتحقيق المناط، وهذا يحتاج إلى أكثر من مجرد معرفة الحكم الشرعي، بل يتطلب أن يكون المفتي متبصرًا بواقع الناس، إذ أن الأحكام مرتبطة بالحقائق.