محمد الضيف لا يموت تاركا فراغا| بروفايل
نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، ونعلن أن الضربة الأولى والتي استهدفت مواقع العدو ومطاراته وتحصيناته العسكرية قد تجاوزت 5 آلاف صاروخ وقذيفة.. أعلنها الرجل بصوت واضح واثق ليشعل النار في قلب إسرائيل ومنها إلى المنطقة بأكملها واضعًا قوات الاحتلال في موقفًا لم تواجه مثله لعقود من الزمن.
هندس الضيف ونائبه مروان عيسى العملية الأكثر تعقيدًا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بفتح جبهات قتال عدة ضد قوات الاحتلال في محيط غزة ومهاجمة المستوطنات، وأسر عدد كبير من الجيش الذي أصيب بالارتباك لساعات طوال ومستوطنين والعودة بهم إلى القطاع.
من السماء جاءتهم المسيرات والصواريخ وكسر حاجز كان يطوق المستوطنات، وإلى قلبها وصلت كتائب القسام وسرايا القدس، هكذا كان يوم الطوفان كان مهندسه الأول محمد الضيف يليه نائبه في هيئة الأركان مروان بإشراف من قائد حماس في غزة يحيى السنوار.
481 يومًا
بعد 481 يومًا من هذا اليوم في مساء الخميس الذي شهد منتصف نهاره، تأكيدًا لنصر الضيف، خرج أبو عبيدة الناطق الرسمي لحماس معلنًا ما كانت لا تصدقه النفوس وإن أقرَّ به العقل، استشهد محمد الضيف إلى جوار مروان عيسى وعدد من قادة القسام.
ففي الأول من أغسطس أعلنها جيش الاحتلال: قصفت طائرات مقاتلة تابعة للجيش الإسرائيلي منطقة خان يونس، وبعد تقييم استخباراتي، يمكن تأكيد القضاء على محمد الضيف في الغارة، نفت حماس بالطبع لأغراض استراتيجية.
وقبل 5 أشهر من أغسطس 2024 أعلن الاحتلال اغتيال مروان عيسى، نائب القائد العام لكتائب عز الدين القسام في غارة على مخيم النصيرات.
واستخدمت القوات الجوية لجيش الاحتلال ما يقرب من 20 طنًا من القنابل في الهجوم الذي استهدف مروان عيسى.
أبت النفوس في بلادنا العربية أن تقر بمقتل القادة الاثنين إلا بإعلان رسمي من كتائب القسام وحتى بعد وقف إطلاق النار كان الانتظار أن يطل الضيف في رسالة صوتية أو يوقع على بيانًا للكتائب، وبينما كان أطفال غزة وشبابها في ظهر الخميس 30 يناير 2025 يرددون من أمام منزل السنوار في خان يونس وجباليا: أحنا رجال محمد ضيف، كانت القسام تعد بيان الشهادة.
الضيف ولد في ستينيات القرن العشرين في مخيم خان يونس للاجئين باسم محمد دياب إبراهيم المصري، وأصبح يعرف فيما بعد باسم الضيف بسبب عادته في البقاء في منازل مختلفة كل ليلة لعقود من الزمن.
وظل ضيف على رأس قائمة المطلوبين لدى إسرائيل لعقود من الزمن بعدما انضم إلى حماس خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي بدأت عام 1987، وأصبح عضوًا مؤسسًا في الجناح العسكري لحماس في أوائل التسعينيات.
وكانت للضيف ضربات موجعة للكيان في عام 1996، التي أسفرت عن مقتل 65 شخصًا في القدس وتل أبيب.
في عام 2000 فرَّ من سجن للسلطة الفلسطينية بعد اعتقاله استجابة من ياسر عرفات لشيمون بيريز واتهمت إسرائيل عرفات بعد ذلك بتدبير مسرحية الاعتقال والتهريب.
محاولات الاستهداف
وصف الإسرائيلي شلومي إلدار في كتابه الصادر عام 2012 بعنوان التعرف على حماس، محاولة اغتيال ضيف في عام 2002 قائلًا: تساءل كثيرون في إسرائيل كيف بقي ضيف على قيد الحياة بعد أن أصاب صاروخ هيلفاير الذي أطلق من طائرة سيارته، مما أدى إلى إرسال شظايا إلى رأسه وسحق أعضاء حيوية.
وأضاف: أن الصورة الوحيدة التي التقطت بعد محاولة الاغتيال الفاشلة تظهر ضيف مصابًا، ينزف، بالكاد يزحف على مرفقيه خارج السيارة المحترقة، وملابسه مغطاة بالغبار والرماد، ولا توجد صور أخرى تقريبًا لهذا الرجل الغامض، الذي ـ بفضل أسلوب حياته السري ـ ظل على رأس كتائب عز الدين القسام لفترة أطول من كل أسلافه.
وفي 2006 قصفت إسرائيل الرجل وأصيب، وإلى الآن لم يجزم بالأضرار التي أصابته في هذا الهجوم.
وأبدى رئيس الموساد في وقتها يأسه من اغتياله قائلًا: من المؤسف أنه لم يُقتل، فهو لا يقل خطورة عندما يُصاب، لقد أصيب مرات عديدة من قبل، والطريقة الوحيدة لجعله أقل خطورة هي قتله.
وفي عام 2014 أسفرت غارة إسرائيلية عن مقتل زوجته ونجله البالغ 7 أشهر وابنته البالغة من العمر 3 سنوات.
لا يستخدم أي تكنولوجيا
وقال مسؤول في حماس لوكالة فرانس برس عام 2014، إن الضيف لا يستخدم أي تكنولوجيا قد تسمح للإسرائيليين بتعقبه وربما تعلم الحذر من وفاة يحيى عياش، الذي استشهد في عام 1996 بواسطة هاتف محمول مفخخ بالمتفجرات على يد أجهزة المخابرات الإسرائيلية.
ما بعد طوفان الأقصى كشف بوضوح عن الاستراتيجية المتماسكة التي تنباها الضيف في قيادة القسام والبنية القيادية فيها وكان هذا واضحًا مع دخول وقف إطلاق النار، إذ أذهل الظهور الضخم لعناصر القسام والفصائل الفلسطينية قوات الاحتلال.