مدبولي من العراق: ظروف منطقتنا تؤكد ضرورة أن نتكامل في كل المجالات
عُقد اليوم في العاصمة العراقية بغداد منتدى الأعمال المصري العراقي تحت شعار "معًا لإعادة الإعمار والتعاون الثلاثي"، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، ومحمد شياع السوداني، رئيس مجلس الوزراء بجمهورية العراق الشقيق، بحضور الوزراء أعضاء الجانبين العراقي والمصري، والسفراء وكبار المسؤولين، وقيادات القطاع الخاص من مصر والعراق.
رئيسا وزراء مصر والعراق يترأسان منتدى الأعمال المصري العراقي
وفي كلمته خلال المنتدى، أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن سعادته بالتواجد في العراق العزيز على قلب كل مصري، ونقل تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتمنياته للعراق الشقيق بدوام التقدم والرقي والاستقرار. كما أعرب عن دعم الدولة المصرية منذ البداية لكل الخطوات التي تضمن استقرار العراق الشقيق.
وأشار رئيس الوزراء إلى تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي على ضرورة مساندة مصر للعراق الشقيق لكي يعود كما كان من قبل قلعة صناعية وزراعية عربية نفخر بها جميعًا، لافتًا إلى أن ذلك يمثل إرادة شعبية مصرية قبل أن يكون توجهًا سياسيًا على مستوى الدولة، وأن وجودنا هنا اليوم يعكس تلك الإرادة الشعبية من الشعب المصري لشقيقه الشعب العراقي.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن الظروف التي تمر بها منطقتنا تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك ضرورة تكاملنا في جميع المجالات، على المستوى السياسي، ولكن الأهم على المستوى الاقتصادي. وقال: "ما نراه اليوم من صراعات وتحديات تعصف بالإقليم وبالمنطقة العربية والعالم كله، وكما ذكرت لأخي دولة الرئيس، فقد كنت مع عدد من زملائي الوزراء في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، والعالم كله يئن من وطأة الأزمة الاقتصادية والتضخم والضغوط الهائلة التي لها تداعيات اجتماعية على الدول المتقدمة قبل الدول النامية، والجميع يؤكد أنه لا سبيل للارتقاء إلا من خلال التكامل والتنسيق بين الدول بعضها البعض. وإذا كنا نتحدث عن التكامل والتنسيق فنحن أولى كدول عربية بهذا الأمر في إطار ما يجمعنا من ثقافة ولغة ودين وحضارة تمتد في عمق التاريخ."
وتابع قائلًا: "وبالتالي نجد اليوم في وجودنا معكم ومع هذه الكوكبة المهمة جدًا والمتألقة من رجال الأعمال أن الفرص للتنسيق والتكامل والتنمية الاقتصادية هائلة وبلا حدود، في كل المجالات التي تطلبها وتحتاجها دولنا."
وفيما يتعلق بما قامت به مصر خلال السنوات العشر الماضية، قال رئيس الوزراء: "على مدار العشر سنوات الماضية، ومع الخروج من الأزمات السياسية والثورات في إقليمنا ودولنا، وتحدي الإرهاب الذي عانت منه شقيقتنا العراق أيضًا، فقد استطاعت مصر أن تحقق طفرة كبيرة في شتى المجالات، وخاصة في مجالات البنية الأساسية والطاقة والإسكان والصناعة والزراعة. ونستطيع أن نصف ما تحقق في مصر من إنجازات بأنه ميلاد لجمهورية جديدة."
وأضاف: "كل هذا الجهد لم يكن ليتحقق دون مشاركة حقيقية من القطاع الخاص المصري. وكلي فخر أن أقول إن القطاع الخاص المصري اليوم أصبح يمتلك من الإمكانيات والخبرة ما يجعله قادرًا على العمل في أي مكان على مستوى العالم بأعلى مستوى من الكفاءة والحرفية، وهو ما شهدناه في مجالات التشييد والبناء، وإنشاء شبكات البنية الأساسية والطاقة، والمشروعات الصناعية واللوجستية والزراعية. وبالتالي، فإننا حريصون على تمهيد الطريق لشراكة حقيقية بين رجال القطاع الخاص المصري والعراقي."
وتابع رئيس الوزراء حديثه قائلًا: "هذه الطفرة صاحبتها أيضًا إصلاحات هيكلية مهمة قامت بها الحكومة المصرية، في مجالات السياسات النقدية من إصلاح سعر صرف العملات، ومحاولة كبح جماح التضخم، والدين الخارجي، والدين العام للدولة المصرية، بالإضافة إلى سياسات مالية من خلال إصلاح المنظومة الضريبية، ومنظومة الجمارك، والعديد من الإصلاحات الأخرى في قانون الاستثمار. وكان هدف الحكومة من هذه الإصلاحات تمكين القطاع الخاص المصري ليقود النمو الاقتصادي خلال الفترة القادمة."
ولفت رئيس الوزراء إلى أن لدى الحكومة أهدافًا واضحة، وهي أن يتجاوز نصيب القطاع الخاص المصري خلال العامين القادمين 65% من إجمالي الاستثمارات الكلية للدولة المصرية. مشيرًا إلى أن القطاع الخاص المصري يحقق اليوم أعلى نسب لتوفير فرص العمل، حيث يوفر هذا القطاع أكثر من 80 إلى 85% من فرص العمل في السوق المصرية، كما أن له مساهمة كبيرة في الناتج المحلي المصري. وبالتالي، فإن الإجراءات البيروقراطية تعد تحديًا، ومنها الإجراءات المنظمة لبيئة الأعمال التي يجب أن تساهم في تشجيع القطاع الخاص المحلي والخارجي على الانطلاق بقوة. مُؤكدًا أن الدولة المصرية تحركت بقوة في هذا الملف لمحاولة التغلب على هذه الإجراءات البيروقراطية، وأطلقت مجموعة من الحوافز والإجراءات، مثل إصدار الرخصة الذهبية بموافقة واحدة من مجلس الوزراء، لتتمكن مشروعات القطاع الخاص من الانطلاق دون الحاجة إلى الحصول على موافقات ودفع رسوم متعددة من جهات مختلفة. وقد مكنت هذه الخطوة من جذب العديد من الشركات العالمية لإنشاء مصانع وإنشاءات داخل مصر.
وأضاف: "كان لدينا طفرة هائلة في مجالات البنية الأساسية، من شبكات موانئ عالية المستوى، وتطوير المطارات، والمناطق اللوجستية، والطرق السريعة التي تصل إلى نحو 7 آلاف كم جديدة، وتطوير أكثر من 20 ألف كم من الطرق القائمة، إلى جانب شبكات السكك الحديدية، وإنشاء منظومة متكاملة من القطارات، والكهرباء. وقد حققت الدولة كل ذلك تمهيدًا لجذب الاستثمارات التي من المفترض أن يقودها القطاع الخاص الخارجي والمحلي في دولة عدد سكانها يتجاوز الـ 110 ملايين نسمة، وهو سوق كبير جدًا، وهناك احتياج للاستثمارات في شتى القطاعات."
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي قائلًا: "توافقت مع أخي دولة رئيس الوزراء العراقي على أن نعمل على تشجيعكم كرجال قطاع خاص لإنشاء شركات مشتركة في المجالات التي أصبح لديكم خبرات فيها، لكي تستثمروا في بلدينا. وسيكون لكم الأفضلية من جانب الحكومتين بكل الحوافز والإجراءات التي من شأنها أن تيسر العمل لهذه الشركات سواء في مصر أو العراق، وستكون لها الأولوية من جانب الحكومتين. وهو ما أود التأكيد عليه لكم خلال المرحلة القادمة. لدينا العديد من الفرص الواعدة في مجالات إنشاء المدن الصناعية، وإنشاء المناطق اللوجستية التي تخدم بلدينا، ولدينا آلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن، التي ستخدم شعوب الدول الثلاثة بصورة كبيرة جدًا. ولدينا بالفعل شركات مشتركة في هذه المجالات، ومشروعات الربط في قطاعات النقل وغير ذلك، والأهم في المشروعات الصناعية المتخصصة."