خفافيش الاستيلاء على الأراضي بالأقصر يظهرون مجددًا
تثير عودة ظاهرة الاستيلاء على الأراضي بالقوة في محافظة الأقصر الكثير من علامات الاستفهام حول عدم التصدي لهذه التجاوزات، مما يعيد للأذهان المشهد القاتم الذي أعقب فترات الانفلات الأمني وغياب الرادع، عندما استغل البعض حالة الانفلات الأمني للاستيلاء على أراضي ومنازل الغير دون سند قانوني.
الغريب في الأمر أن هذه الممارسات عادت للظهور في وقت تمكنت فيه الدولة من استعادة قبضتها الأمنية وقوتها، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات عن الجرأة التي يتمتع بها هؤلاء البلطجية، فكيف لهؤلاء أن يقتحموا منزلًا في وسط مدينة الأقصر، بجوار طريق الكباش الذي يُعد رمزًا للسياحة المصرية وفي بقعة حيوية، دون أي خوف من العقاب؟
وقبل أيام فقط، وقعت حادثة مؤسفة تُجسد تلك الأزمة، ففي منتصف الليل، اقتحم مجموعة من البلطجية منزلًا مبنيًا بالطوب اللبن، كسروا بابه واستولوا عليه مدعين ملكيتهم له دون تقديم أي مستند رسمي يُثبت هذا الادعاء، مع كون تصرفهم وتعديهم واختيارهم للمكان يرسم علامات استفهام تشير إلى عملهم على هيئة تنظيم يسير وفق خطة، يختار ضحاياه بعناية.
والأكثر دهشة أن هؤلاء المعتدين لم يكتفوا بذلك، بل أبلغوا الشرطة متهمين المالكة -وهي موظفة بسيطة- بمنعهم من دخول منزلهم على حد زعمهم لتأمين موقفهم القانوني.
والأنكى أن المالكة وهي الطرف الأضعف جرى اصطحابها مع أحد البلطجية إلى قسم الشرطة وحجزهما طوال الليل، وفي النهاية تحولت الواقعة من اعتداء واضح إلى نزاع مدني عادي، مما أتاح للمعتدين الاحتفاظ بالمنزل، بينما أصبحت المالكة تخشى حتى الاقتراب منه.
ما حدث يثير تساؤلات محورية حول هيبة القانون في مدينة يُفترض أن تكون رمزًا للاستقرار والأمان، ويضع أمامنا أسئلة تغيب إجاباتها حول من يقف وراء هؤلاء؟ لماذا اختاروا منزلا لسيدة تحديدا لا حول لها ولا قوة؟ فهل يُصبح من المقبول أن تستعين السيدة المغلوبة على أمرها ببلطجية آخرين لاستعادة منزلها؟ بالطبع لا، كيف يمكن مشاهدة هذا المشهد العبثي في مدينة سياحية يُمكن أن تتحول إلى مادة دسمة في وسائل الإعلام العالمية بمجرد وقوع حادث جنائي لا قدر الله؟
الأقصر، التي تُعد متحفًا مفتوحًا يجذب ملايين السياح من جميع أنحاء العالم، لا تتحمل هذه النوعية من الأخبار والأحداث، فلها وضعها ومكانتها الخاصة، فأي مشهد لسيطرة بلطجية على ممتلكات يمكن أن يُضر بالسياحة، ويؤثر على ثقة الزوار في أمان المدينة.
هذه الحادثة ليست مجرد واقعة فردية، بل هي مؤشر على عودة ظاهرة تهدد أمن المواطن، وعلى الأجهزة المعنية أن تتخذ إجراءات حازمة ضد أي معتدي على حقوق وأملاك غيره، وأن يشعر الجميع أن القانون هو السيد وليس منطق القوة وفرض الأمر الواقع.
وفي النهاية، يبقى السؤال: هل سيظل الحال على ما هو عليه؟ أم أننا سنشهد تحركًا حاسمًا يحمي حقوق المواطنين من هذه الاعتداءات السافرة المتكررة؟