التودد العثماني والتضحية بجنود الأورطة السودانية: قراءة ثقافية في رواية "كوكو سودان كباشي"
تُعدُّ رواية "كوكو سودان كباشي" للروائية المصرية سلوى بكر محاولة إبداعية تبرز من خلالها قضايا أدبية لا يمكن غضّ الطرف عنها مثل نزاعات الهوية، والمُتخيل التاريخي المُستعاد بين عامي (1863 و1867م). تتناول الرواية الفترة الثانية للعبودية، ومجموعة من الأفكار الأدبية التي تتمثل في الآتي: أولًا: ثنائية الزمان بين الحاضر والماضي، وتصاعد الأحداث في الرواية. ثانيًا: واقعية الراوي السردية، ووظائفه، وتحولات واقعية تاريخية في البناء السردي. ثالثًا: أبنية الوقائع الثقافية والتاريخية، امتداد من الماضي إلى الحاضر.
تدور أحداث رواية "كوكو سودان كباشي" حول زمانين مختلفين يتقاطع أحدهما مع الآخر لينقلا معلومات مجهولة في التاريخ. ويعرض من خلالهما -أي الزمانين- قضايا مختلفة شائكة تخص كل زمن على وجه الخصوص. ففي الزمان الأول، يعرض قضايا أصحاب البشرة السوداء والسودانيين الذين عانى أجدادهم من قيود العبودية والقنص والتهجير القسري. وفي زمن الماضي، الذي يجر الساردة داخل زمن المخطوطة التي تكشف سر الأورطة المصرية، تَحكي الرواية عن شخصية الساردة، المحامية (خالدة مصطفى إسماعيل) المهتمة بحقوق الإنسان، التي تلتقي بالرجل المكسيكي (ردولفو فرديناندو) متعدد الجنسيات، ومع كل واحد منهما يحمل قصة من صفحات التاريخ. وهذا يُعد نسقًا ثقافيًا مطموسًا في الطائرة خلال سفرهما من القاهرة إلى أمستردام. وتعرف الساردة منه سبب مجيئه إليها للبحث عن جذور جده المصري، ثم بعد هذه الرحلة يعود ليلتقيها في القاهرة ويسلمها ملف أوراق المذكرات أو اليوميات التي دونها جده في المكسيك، ويطلب منها مساعدته في البحث عن جذور عائلة جده؛ إذ إن وقت إجازته انتهى ويجب أن يعود إلى عمله بعدما شعر بالخوف على المخطوطة التي كتبها جده المصري، الذي لا يعرف عنه أي خبر إلا من خلال الصفحات التي تعد وثائق قومية عن جنود الأورطة.
ومن خلال قراءة اليوميات، نكتشف مرحلة تاريخية حقيقية من تاريخ مصر والسودان، حينما أرسل الخديوي سعيد -والي مصر في ذلك الحين- الأورطة المصرية السودانية لتحارب في المكسيك في القرن التاسع عشر، وذلك بطلب من الفرنسيين؛ بسبب قلة تحمل الجنود الفرنسيين لرداءة الطقس، وتعرضهم للإصابات الكثيرة بسبب انتشار الأمراض وصعوبة التكيف معها. وهذا يكشف نظرة الأوروبي الدونية لأصحاب البشرة السوداء مهما كانت جنسيتهم. يمكن من خلال الدراسات التاريخية أن نستكشف الخطأ الوحيد الذي اقترفه الوالي سعيد خلال فترة تواليه: ".
ليس غريبًا أن يطلب نابليون الثالث المساعدة العسكرية من الوالي ليأتي الرد بالموافقة منه؛ مما أدى إلى توريط كتيبة الأورطة المصرية في حرب تهدف إلى إنشاء إمبراطورية فرنسية في المكسيك. فقد كان الإمبراطور الفرنسي بحاجة إلى خبراء للمساعدة في تدمير بينيتو خواريز وقواته الجمهورية، وأن النصر يتطلب جيشًا مجهزًا جيدًا، فكان الهدف متمحورًا حول السيطرة على فيراكروز، الميناء الرئيسي للمكسيك على البحر الكاريبي ومفتاح عاصمتها. على الرغم من أهميتها الحيوية بالنسبة للإمبراطورية الفرنسية، إلا أن المدينة كانت تتسم بسمعة سيئة بسبب تفشي الأمراض المميتة على أراضيها الرطبة القريبة من البحيرات والغابات الاستوائية. فقد خلقت هذه الأمراض حزامًا من الملاريا وحمى الصفراء، والأمراض الاستوائية القاتلة، وكانت تنتشر بواسطة البعوض والذباب. لم تكن الإمكانيات الطبية قادرة على مواجهة هذه الأمراض، مما أدى إلى ارتفاع معدل الوفيات بين الجنود المتمركزين في فيراكروز. وأطلق على المدينة لاحقًا اسم (مقبرة الأمراض)."
نفهم من هذا الأمر الاستعماري غير الإنساني الغريب الذي أدى إلى خطف السودانيين من بلادهم وبيعهم ليتم شحنهم إلى بلاد نائية لا ينتمون لها، ليشاركوا ويموتوا في حرب ليست لهم. ومع هؤلاء السودانيين كان هناك أيضًا مصريون منهم الشيخ عثمان حفني النوبي، وكان دوره مباركتهم والصلاة بهم والترحم عليهم بعد موتهم. وهو من سجّل وكشف عذابات الرحلة، وموت الجنود خلال عبور بحر الظلمات، وسوء الطقس والإصابة بالأوبئة، وحزنهم على فراق أهاليهم. "كانت حزم العبيد التي تنجو من الجوع والأمراض وتتكدس في السفن تعرض في الأسمال جلدًا على عظم في الميدان العام، بعد أن تمر في استعراض عبر الشوارع ذات الطراز الاستعماري، على أنغام موسيقى الغرب.
أما من يصلون إلى الكاريبي وقد بلغ منهم الإرهاق مبلغه فيمكن تسمينهم في مستودعات العبيد قبل جعلهم يلمعون، وكان الصاغة يقدمون أقفالًا وأطواقًا من الفضة للزنوج والكلاب، وكانت السيدات الأنيقات يظهرن بين الناس مصحوبات بقرد تكسوه سترة مطرزة وطفل عبد وسروال فضفاض من الحرير."
تتسارع أحداث الرواية التي تدور في فلك مئتي صفحة، وكان خيال الروائية يساعد على سدّ فقراتها التاريخية الحقيقية بدعم نقصها، وترقيع فجوات النقص التي لم تتناول قضية جنود الأورطة بالتخيل التاريخي. لأن الفن الروائي ليس مطلوبًا منه توثيق الحقائق التاريخية، بل التخيل الذي يحمل أيديولوجية الساردة وفلسفتها في نقل ما تم قصه من صفحات التاريخ. وبالإمكان ملء تلك الفراغات التي لم يذكرها التاريخ من خلال خيالها. بما أن المخطوطة بين يدي الساردة، وتعد وثيقة قومية تخشى عليها من الضياع، كأي قضية إنسانية تترافع عنها، لذا اعتبرتها الدارسة سيرة غيرية خطها الشيخ عثمان حفني بأنامله قبل ضياعه في وديان المكسيك بعدما تزوج من الجارية الهندية التي اشتراها من سوق النخاسة.
"إن الكاتب والسارد المفترضين يأخذان معنى مغايرًا تمامًا عندما يُدْخلان إلى الرواية بوصفهما موجهين لمنظور لساني – أي منطوق- ولرؤية خاصة للعالم والأحداث، ولتقييمات وتنبؤات خاصة، سواء بالنسبة للكاتب ولخطابه المباشر الحقيقي، أو بالنسبة للسرد وللغات الأدبية العادية."
والتعدد الصوتي في الرواية يجعلنا نقرأ الرواية التاريخية المكتوبة. فهي ليست رواية كلاسيكية، بل تستحضر الزمن المحكي عنه باللغة التي تعبر عن الزمن المكتوب، وأيضًا المكان المحاط بها الرواية. فاللغة الدرامية التي نستكشفها خلال الصفحات القادمة هي لغة المستعبَد واستشعاره بالقهر والحزن والخزي لعدم قدرته على الدفاع عن نفسه، وهي لغة فيها جزءٌ كبيرٌ من المعاناة، ونقل لواقع لم يعشه الكثيرون. فهي ليست رواية واعظة ولا اجتماعية ولا أخلاقية، لكنها تعبيرية تخص المستعبدين الضعفاء. ما يميز لغة الرواية المتخيلة الموضوعية في الطرح واصطناع عالم شبه تاريخيٍ. لذا، يتوجب على الناقد أن يطأ بأقدامه عتبة تحليل هذا الخطاب الإبداعي من خلال البنية الزمنية.
تدخل الساردة في استحضار قضايا متسلسلة زمنيًا ترتبط بزمنها ذلك، من خلال استحضار شخصيات ثانوية، تعرض من خلالها الأحداث المؤثرة في بنية السرد. تظهر (نهال) الفتاة السورية التي تزوجت من شاب مسيحي أشهر إسلامه من أجلها، إلى جوار صديقتها، وتتكلم عن تجاوزات أمن الدولة وعملها في مكتب المحاماة، وعن قضية (محمد عبد الحفيظ بركات) الرجل الذي بسبب قضيته انضمت إلى جمعية (نصرة الحق الإنساني). تسرد بداية معرفتها بهذا الرجل، لتخبر القارئ عن قضايا زمانها: "ذات يوم وأثناء عملي في المكتب، تعرفت على رجل نحيل قصير، له أنف ضخم وعينان شديدتا الاتساع بالنسبة لمساحة وجهه الصغير، وذلك من خلال قضية وكّلت للاشتغال فيها مع زميل لي بالمكتب. كان محمد عبد الحفيظ بركات قد جاء إلينا لأنه وجد من أشار عليه بطلب تعويض من أمن الدولة في مصر لقاء ما لاقاه من معاناة وتعذيب، هو متزوج ويعول أسرة كبيرة العدد مكونة من سبع بنات أصّر على إنجابهن بدأب واحدة تلو الأخرى...".
يدور الحوار بين (خالدة/الساردة) وصديقتها عن تجاوزات أمن الدولة، وهي نقلة حوارية توضح طبيعة الزمان الذي من الممكن أن يكون فترة الحقبة المباركية. "أسفر تعامل أمن الدولة معه لانتزاع اعترافات منه على مدى أسبوع عن كسر مضاعف في يده اليسرى الحيوية بالنسبة له. محمد عبد الحفيظ أعسر منذ الميلاد، وشرخ في عظم الترقوة، وقد اتضح بالفحص الطبي بعد ذلك، أن ما ساعد على حدوث هذه الإصابات هو أن محمد عبد الحفيظ مصاب بهشاشة العظام أصلًا، وأقل ضربة أو خبطة في جسمه تكون آثارها مدمرة". ثم تستكمل موضحة أنها عاشت داخل عالم ضيق، وحياة رخوة، لكن عندما تعرفت على قضية (محمد عبد الحفيظ بركات) تغيرت داخلها معانٍ شعورية، كانت سببًا في دخولها جمعية (نصرة الحق الإنساني): "انتميت إلى جمعية "نصرة الحق الإنساني" في النهاية، ليس بفضل خطب نهال، ولكن بسبب تعاطفي مع المسكين محمد عبد الحفيظ بركات، فقد تعذب الرجل وحصلت له غاية البهدلة بسبب رغبته الإنسانية البسيطة في قزقزة كيس لب بخمسين قرشًا وسد جوع أسرة كبيرة لا يكفيها مرتبه الشهري لشراء عيش حاف".
يُعَدُّ توضيح (خالدة/الساردة) والشخصية المحورية التي تسرد بصيغة ضمير (الأنا) جزءًا من توجه أدبي للروائية يستهدف تسليط الضوء على قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، من خلال وصف الحقبة الزمنية التي تسردها من صفحات أوراقها التي دونتها؛ لتفرق بين زمنها وزمن الصفحات التالية للشيخ عثمان حفني.
أما عن نسقية الإبادات في التاريخ، جاء ظهور شخصية رودلفو في الطائرة إلى جوار خالدة مصطفى إسماعيل بوصفه بوابة إطلال الساردة على عالم الإبادات التي مُورِسَتْ ضد الهنود الحمر وصولًا إلى العبيد السود. فالاستعمار هز القوة التي حوَّلت جذوره إلى أشلاء في كل مكان، ليحصل في النهاية على الجنسية الألمانية وأصله مكسيكي. أيضًا من خلال عدم معرفة الساردة يتأكد أنه تاريخ فائت مطموس، وأن المدروس منه غير الذي يستكشفه الإنسان مع مرور الزمان. وتقر الساردة: "وأعترف بأني لم أتعلم شيئًا في المدرسة ولا في الجامعة يتعلق بتاريخ الهنود الحمر، وجلّ معلوماتي عن سكان أمريكا الأوائل مستقاة من أفلام الغرب الأمريكية المثيرة، وكل ما تبقّى في مخيلتي من صور لهؤلاء الهنود، إنما هي لأناس ذوي بشرة نحاسية داكنة وشعور حريرية مسترسلة تغطيها تيجان من ريش ملون لطيور لا أعرف أنواعها، شعرت بالحرج قليلًا، وبعجز مكثف عن المشاركة بالحوار في أمور لا أعرف عنها إلا لماما، لكن فضولي لمعرفة المزيد عن حكاية جده المصري...".
إن هذا الحوار مع الآخر يستدعي عددًا من الأنساق التاريخية الموغلة في التاريخ. وتعكس سلوى بكر في روايتها قضية تاريخية وسياسية غاية في الأهمية هي (التودد العثماني إلى الأوروبيين، وتشتت الهوية المصرية). يمكن من خلال ملابس الأورطة المصرية، تخيل الزمان الذي تدور فيه الأحداث، لنرى أيضًا كيف صدرهم الوالي سعيد إلى المكسيك، وذكر أسمائهم يستكشف هويتهم العربية المصرية التي يعبر من خلالها أن إرسالهم رغم عنهم يعكس تيارين مهمين؛ هما: الأول: يكشف نوايا الغرب الأوروبي الذي يرى أصحاب البشرة السوداء ما هم إلا انعكاس للعنة الكنعانية التي ستظل مسيطرة على أذهانهم؛ لأنهم طلبوا أصحاب البشرة الداكنة خصيصًا، فقد نُشِرَ مقال على Ministère des Armées يؤكد رؤيتهم لأصحاب البشرة السوداء حيث أنهم في النهاية عبيد لخدمتهم، وهي نفس النظرة التي امتدت عبر الزمان لتؤثر في الحاضر الذي تمثله الرواية.
"قبل عام من تولي الوالي إسماعيل (الذي أصبح الخديوي بعد ذلك؛ حكم 1863-1879) عرش مصر، قامت فرنسا وبريطانيا وإسبانيا بإرسال تعزيزات حربية إلى المكسيك لدعم ما سيعرف لاحقًا باسم "الحماقة المكسيكية" الفرنسية. انتهت القضية برمتها بالنسبة لإسبانيا وبريطانيا، التي انسحبت في بداية عام 1862. لكن فرنسا قررت البقاء، حيث لم يخفِ نابليون الثالث نيته فيما يتعلق بالمكسيك. أراد تأسيس إمبراطورية كاثوليكية هناك، لمواجهة تأثير الولايات المتحدة وقوتها العظمى العسكرية في ذلك الوقت، وعين ولي العهد النمساوي ماكسيميليان إمبراطورًا، فقد تولى العرش في عام 1864.
تعرضت القوات الفرنسية، تحت قيادة جوريان دي لا جرافيير، للهلاك بسبب المناخ الاستوائي القاسي في المكسيك، وتقلص عددهم إلى أقل من النصف. وقد اقترح استيراد جنود عبيد مسلمين سودانيين من السنغال والهند الغربية، على أمل أن يتحملوا الأمراض الاستوائية التي كانت تقتل الجنود الأوروبيين. ومن ثم، اقترب المندوب الفرنسي في مصر من الوالي سعيد باشا (حكم 1854-1863) مطالبًا الاستعانة بأورطة سودانية لخدمة فرنسا والمحاربة تحت رايتها. وفي 9 يناير 1863، حملت السفينة "سين" على متنها 447 رجلًا في رحلة إلى المكسيك. تكونت "كتيبة الدعم العثمانية" من أربع مجموعات يقودها الضابط جبر الله. كانت الكتيبة تضم ضباطًا وجنودًا مصريين خدموا في السودان (وقتها كانت السودان تابعة للمملكة المصرية) بما فيها صعيد مصر."
أما التيار الثاني فيصف التودد العثماني إلى الأوروبيين الذين قاموا في النهاية بالانقلاب على الواليين سعيد وإسماعيل، واستعمروا البلاد بحجج مستهلكة في كل استعمار جديد. فقد قدم سعيد للمصريين كثيرًا من الأعمال الطيبة في فترة توليه الحكم، فأرسل كثيرًا من الطلاب لفرنسا، وأحدث نقلة نوعية في حركة الترجمة، وبناء المدارس في مصر وذلك ما بين فترة 1856 و1863 ميلاديًا، إلا أنه أخطأ في إرسال جنوده إلى فيراكروز، وأدى مع مرور الوقت إلى فصل العلاقات بين العرب والغرب، فقد كان دعم استقلال مصر عن الحكم العثماني.
نفهم أن لغة الحوار كانت عاملًا من عوامل تفسير أبنية الوقائع الثقافية والتاريخية التي تعبر عن الإبادات، وعن إهدار حق أصحاب البشرة السوداء النوبيين والسودانيين والأفريقيين، وذلك من خلال الأسباب الآتية:
- الظلم عبر الزمان: فمن خلال الأحداث المتوالية عبر العصور التي تدل على الظلم وتطبيق القانون على المستضعفين، ويظهر ذلك من خلال قضية محمد عبد الحفيظ بركات.
- التحول الحضاري: الأندلس وسقوط آخر ممالك المسلمين على يد القشتاليين، الذين قاموا بحملات التبشير بالمسيحية، ونقضوا المعاهدة، ولم يضمنوا الأمان لأحد، بل طردوا جميع الموريسكيين خارج غرناطة. كان الحوار منبثقًا من خلال الحوار الدائر بين رودلفو وخالدة مصطفى إسماعيل.
- اللغة التاريخية داخل المخطوطة: تحولت لغة المخطوطة التي خالفت لغة الساردة أثناء وصف قضايا حاضرها، فمن خلال المخطوطة المسرودة بلسان السارد "عثمان حفني"، الذي سافر على متن السفينة لاسين لخدمة الفرنسيين والمحاربة بدلًا عنهم تتبدل اللغة وفقًا للعصر المسرود عنه. "فإن كل عهد له لهجته، ومعجمه، ومفرداته، ونسقه في التعبير الخاص". هنا نلحظ انفتاح ذهن الساردة التي تمثل واقع القارئ على عالم جنود الأورطة المصرية الذين تعرضوا للقتل والمرض في بلاد لا يعرفون تضاريسها ولا أماكن داخلها. ومن خلال تحليل الدراسة للوقائع والأحداث التي حكى عنها السارد الشيخ عثمان حفني داخل المخطوطة، تعكس الحياة المحيطة وقت الحكم العثماني، وتوضح الأيديولوجية لفئة من فئات المجتمع لمجموعة من البشر قرر الوالي سعيد باشا إرسالهم للحرب في المكسيك، وتعكس عقلية الحاكم في ذلك الوقت؛ حيث التودد للإمبراطورية الفرنسية من أجل الانفصال عن الحكم العثماني.